أن آسيا مع أوروبا قارة ، وإفريقيا قارة ، وأستراليا قارة ، وأميركا الشمالية قارة ، وأميركا الجنوبية قارة ، وجرولندة في الشمال ، والقارة القطبية الجنوبية. ولا التفات إلى الأجزاء المتفرقة من الأرض في البحار ، وتكون (مِنَ) تبعيضية لأن هذه القارات الاصطلاحية أجزاء من الأرض.
وقرأ غير عاصم (مِثْلَهُنَ) بالنصب. وقرأه عاصم بالرفع على أنه مبتدأ.
ومعنى (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) أمر الله بالتكوين أو بالتكليف يبلغ إلى الذين يأمرهم الله به من الملائكة ليبلّغوه ، أو لمن يأمرهم الله من الرسل ليبلغوه عنه ، أو من الناس ليعلموا بما فيه ، كل ذلك يقع فيما بين السماء والأرض.
واللام في قوله : (لِتَعْلَمُوا) لام كي وهي متعلقة ب (خَلَقَ).
والمعنى : أن مما أراده الله من خلقه السماوات والأرض ، أن يعلّم الناس قدرة الله على كل شيء وإحاطة علمه بكل شيء. لأن خلق تلك المخلوقات العظيمة وتسخيرها وتدبير نظامها في طول الدهر يدل أفكار المتأملين على أن مبدعها يقدر على أمثالها فيستدلوا بذلك على أنه قدير على كل شيء لأن دلالتها على إبداع ما هو دونها ظاهرة ، ودلالتها على ما هو أعظم منها وإن كانت غير مشاهدة ، فقياس الغائب على الشاهد يدلّ على أن خالق أمثالها قادر على ما هو أعظم. وأيضا فإن تدبير تلك المخلوقات بمثل ذلك الإتقان المشاهد في نظامها ، دليل على سعة علم مبدعها وأحاطته بدقائق ما هو دونها ، وأن من كان علمه بتلك المثابة لا يظن بعلمه إلا الإحاطة بجميع الأشياء.
فالعلم المراد من قوله : (لِتَعْلَمُوا) صادق على علمين : علم يقيني مستند إلى أدلة يقينية مركبة من الدلالة الحسية والعقلية ، وعلم ظني مستند إلى الأدلة الظنية والقرائن. وكلا العلمين موصل إلى الاستدلال في الاستدلال الخطابي (بفتح الخاء).