لأجل ما فيهما من همزة تعدية أو تضعيف. وإن كان لم يسمع فعل مجرد لهما وهو مما أميت في كلامهم استغناء بفعل علم. والأكثر أن يتعديا إلى ما زاد على المفعول بحرف جر نحو : نبأت به. وقد يحذف حرف الجر فيعدّيان إلى مفعولين ، كقوله هنا : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) أي بهذا ، وقول الفرزدق :
نبئت عبد الله بالجو أصبحت |
|
كراما مواليها لآما ما صميمها |
حمله سيبويه على حذف الحرف.
وقد يضمنان معنى : اعلم ، فيعديان إلى ثلاثة مفاعيل كقول النابغة :
نبئت زرعة والسفاهة كاسمها |
|
يهدي إليّ غرائب الأشعار |
ولكثرة هذا الاستعمال ظن أنه معنى لهما وأغفل التضمين فنسب إلحاقهما ب (اعلم) إلى سيبويه والفارسي والجرجاني وألحق الفراء خبّر وأخبر ، وألحق الكوفيون حدّث.
قال زكريا الأنصاري : لم تسمع تعديتها إلى ثلاثة في كلام العرب إلا إذا كانت مبنية إلى المجهول.
وقرأ الجمهور (عَرَّفَ) بالتشديد. وقرأه الكسائي عرف بتخفيف الراء ، أي علم بعضه وذلك كناية عن المجازاة ، أي جازى عن بعضه التي أفشته باللوم أو بالطلاق على رواية أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلق حفصة ولم يصح وقد يكنى عن التوعد بفعل العلم. ونحوه كقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) [النساء : ٦٣]. وقول العرب للمسيء:لأعرفن لك هذا. وقولك : لقد عرفت ما صنعت.
(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤))
التفات من ذكر القصتين إلى موعظة من تعلقت بهما فهو استئناف خطاب وجهه الله إلى حفصة وعائشة لأن إنباء النبي صلىاللهعليهوسلم بعلمه بما أفشته القصد منه الموعظة والتحذير والإرشاد إلى رأب ما انثلم من واجبها نحو زوجها. وإذ قد كان ذلك إثما لأنه إضاعة لحقوق الزوج وخاصة بإفشاء سرّه ذكّرها بواجب التوبة منه.
وخطاب التّثنية عائدة إلى المنبئة والمنبأة فأمّا المنبئة فمعادها مذكور في الكلام بقوله : (إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ) [التحريم : ٣].