الملائكة على نصرة جبريل بله نصرة الله تعالى.
و (ظَهِيرٌ) وصف بمعنى المظاهر ، أي المؤيد وهو مشتقّ من الظهر ، فهو فعيل بمعنى مفاعل مثل حكيم بمعنى محكم كما تقدم آنفا في قوله : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) ، وفعيل الذي ليس بمعنى مفعول أصله أن يطابق موصوفه في الإيراد وغيره فإن كان هنا خبرا عن الملائكة كما هو الظاهر كان إفراده على تأويل جمع الملائكة بمعنى الفوج المظاهر أو هو من إجراء فعيل الذي بمعنى فاعل مجرى فعيل بمعنى مفعول. كقوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦] ، وقوله : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) [الفرقان: ٥٥] وقوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩] ، وإن كان خبرا عن جبريل كان (صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ) عطفا على جبريل وكان قوله (بَعْدَ ذلِكَ) حالا من الملائكة.
وفي الجمع بين (أَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) [التحريم : ٣] وبين (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) وبين (ظَهِيرٌ) تجنيسات.
(عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥))
ليس هذا مما يتعلق بالشرط في قوله : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) [التحريم : ٤] بل هو كلام مستأنف عدل به إلى تذكير جميع أزواجه بالحذر من أن يضيق صدره عن تحمل أمثال هذا الصنيع فيفارقهن لتقلع المتلبسة وتحذر غيرها من مثل فعلها.
فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا عقبت بها جملة (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] التي أفادت التحذير من عقاب في الآخرة إن لم تتوبا مما جرى منهما في شأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أفاد هذا الإيماء إلى التحذير من عقوبة دنيوية لهن يأمر الله فيها نبيئه صلىاللهعليهوسلم وهي عقوبة الطلاق عليه ما يحصل من المؤاخذة في الآخرة إن لم تتوبا ، ولذلك فصلت عن التي قبلها لاختلاف الغرضين.
وفي قوله : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) إيجاز بحذف ما يترتب عليه إبدالهن من تقدير إن فارقكن. فالتقدير : عسى أن يطلقكن هو (وإنما يطلق بإذن ربه) أن يبدله ربّه بأزواج خير منكن.
وفي هذا ما يشير إلى المعنى الرابع عشر والخامس عشر من معاني الموعظة