إرادة التوزيع على طوائف الذين آمنوا في ذلك اليوم.
وإتمام النور إدامته أو الزيادة منه على الوجهين المذكورين آنفا وكذلك الدعاء بطلب المغفرة لهم هو لطلب دوام المغفرة ، وذلك كله أدب مع الله وتواضع له مثل ما قيل في استغفار النبي صلىاللهعليهوسلم في اليوم سبعين مرة.
ويظهر بذلك وجه التذييل بقولهم : (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) المشعر بتعليل الدعاء كناية عن رجاء إجابته لهم.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩))
لما أبلغ الكفار ما سيحل بهم في الآخرة تصريحا بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) [التحريم : ٧] ، وتعريضا بقوله : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) [التحريم : ٨] ، أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم بمسمع منهم بأن يجاهدهم ويجاهد المستترين لكفرهم بظاهر الإيمان نفاقا ، حتى إذا لم تؤثر فيهم الموعظة بعقاب الآخرة يخشون أن يسلط عليهم عذاب السيف في العاجلة فيقلعوا عن الكفر فيصلح نفوسهم وإنما أمر رسولهصلىاللهعليهوسلم بذلك لأن الكفار تألبوا مع المنافقين بعد هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم فاتخذوهم عيونا لهم وأيدي يدسّون بها الأذى للنبي صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين.
فهذا نداء ثان للنبي صلىاللهعليهوسلم يأمره بإقامة صلاح عموم الأمة بتطهيرها من الخبثاء بعد أن أمره بإفاقة من عليهما الغفلة عن شيء من واجب حسن المعاشرة مع الزوج.
وجهاد الكفار ظاهر ، وأما عطف (الْمُنافِقِينَ) على (الْكُفَّارَ) المفعول ل (جاهِدِ) فيقتضي أن النبي صلىاللهعليهوسلم مأمور بجهاد المنافقين وكان حال المنافقين ملتبسا إذ لم يكن أحد من المنافقين معلنا بالكفر ولا شهد على أحد منهم بذلك ولم يعين الله لرسولهصلىاللهعليهوسلم منافقا يوقن بنفاقه وكفره أو أطلعه اطلاعا خاصا ولم يأمره بإعلانه بين المسلمين كما يؤخذ ذلك من أخبار كثيرة في الآثار.
فتعين تأويل عطف (الْمُنافِقِينَ) على (الْكُفَّارَ) إما بأن يكون فعل (جاهِدِ) مستعملا في حقيقته ومجازه وهما الجهاد بالسيف والجهاد بإقامة الحجة والتعريض للمنافق بنفاقه فإن ذلك يطلق عليه الجهاد مجازا كما في قوله صلىاللهعليهوسلم «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى