وسماها النبي صلىاللهعليهوسلم آسية في قوله : «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون» رواه البخاري.
وأرادت بعمل فرعون ظلمه ، أي نجّني من تبعة أعماله فيكون معنى (نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ) من صحبته طلبت لنفسها فرجا وهو من عطف الخاص على العام.
ومعنى (قالَتْ) أنها أعلنت به ، فقد روي أن فرعون اطّلع عليها وأعلن ذلك لقومه وأمر بتعذيبها فماتت في تعذيبه ولم تحس ألما.
والقوم الظالمون : هم قوم فرعون. وظلمهم : إشراكهم بالله.
والظاهر أن قولها : (ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) مؤذن بأن فرعون وقومه صدّوها عن الإيمان به وزيّنوا لها أنا إن آمنت بموسى تضيع ملكا عظيما وقصرا فخيما أو أن فرعون وعظها بأنها إن أصرّت على ذلك تقتل ، فلا يكون مدفنها الهرم الذي بناه فرعون لنفسه لدفنه في بادئ الملوك. ويؤيد هذا ما رواه المفسرون أن بيتها في الجنة من درّة واحدة فتكون مشابهة الهرم الذي كان معدّا لحفظ جثتها بعد موتها وزوجها. فقولها ذلك كقول السحرة الذين آمنوا جوابا عن تهديد فرعون (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) الآية في سورة طه [٧٢].
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢))
عطف على (امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) ، أي وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم ابنة عمران ، فضرب مثلين في الشرّ ومثلين في الخير.
ومريم ابنة عمران تقدم الكلام على نسبها وكرامتها في سورة آل عمران وغيرها ، وقد ذكر الله باسمها في عدة مواضع من القرآن ، وقال ابن التلمساني في «شرح الشفاء» لعياض: لم يذكر الله امرأة في القرآن باسمها إلا مريم للتنبيه على أنها أمة الله إبطالا لعقائد النصارى.
والإحصان : جعل الشيء حصينا ، أي لا يسلك إليه. ومعناه : منعت فرجها عن الرجال.
وتفريع (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) تفريع العطية على العمل لأجله. أي جزيناها على