سيما وقد كان سبب النزول بنشوز ، وهو المقصود من نزول الآية على ذلك القول. ومن المفسرين من فسر النشوز بمطلق القيام من مجلس الرسول صلىاللهعليهوسلم سواء كان لأجل التفسيح أو لغير ذلك مما يؤمر بالقيام لأجله. روي عن ابن عباس وقتادة والحسن «إذا قيل انشزوا إلى الخير وإلى الصلاة فانشزوا».
وقال ابن زيد : إذا قيل انشزوا عن بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فارتفعوا فإن للنبي صلىاللهعليهوسلمحوائج ، وكانوا إذا كانوا في بيته أحبّ كل واحد منهم أن يكون آخر عهده برسول الله صلىاللهعليهوسلم وسبب النزول لا يخصص العام ولا يقيد المطلق.
وهذا الحكم إذا عسر التفسيح واشتد الزحام والتراصّ فإن لأصحاب المقاعد الحقّ المستقر في أن يستمرّوا قاعدين لا يقام أحد لغيره وذلك إذا كان المقوّم لأجله أولى بالمكان من الذي أقيم له بسبب من أسباب الأوّلية كما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم في إقامة نفر لإعطاء مقاعدهم للبدريين. ومنه أولوية طلبة العلم بمجالس الدرس ، وأولوية الناس في مقاعد المساجد بالسبق ، ونحو ذلك ، فإن لم يكن أحد أولى من غيره فقد نهى النبيصلىاللهعليهوسلم عن أن يقيم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه.
وللرجل أن يرسل إلى المسجد ببساطه أو طنفسته أو سجادته لتبسط له في مكان من المسجد حتى يأتي فيجلس عليها فإن ذلك حوز لذلك المكان في ذلك الوقت. وكان ابن سيرين يرسل غلامه إلى المسجد يوم الجمعة فيجلس له فيه فإذا جاء ابن سيرين قام الغلام له منه.
وفي «الموطأ» عن مالك بن أبي عامر قال : كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب يوم الجمعة تطرح إلى جدار المسجد الغربي فإذا غشي الطنفسة كلها ظلّ الجدار خرج عمر بن الخطاب فصلّى الجمعة. فالطنفسة ونحوها حوز المكان لصاحب البساط.
فيجوز لأحد أن يأمر أحدا يبكر إلى المسجد فيأخذ مكانا يقعد فيه حتى إذا جاء الذي أرسل ترك له البقعة لأن ذلك من قبيل النيابة في حوز الحق.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو جعفر (انْشُزُوا فَانْشُزُوا) بضم الشين فيهما. وقرأه الباقون بكسر الشين. وهما لغتان في مضارع نشز.
وقوله : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) جواب الأمر في قوله : (فَانْشُزُوا) فقد أجمع القراء على جزم فعل (يَرْفَعِ) فهو جواب الأمر بهذا. وعد