(اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨].
وقوله : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) تعريف بحكمة الأمر بالصدقة قبل نجوى الرسولصلىاللهعليهوسلم ليرغب فيها الراغبون.
و (خَيْرٌ) يجوز أن يكون اسم تفضيل ، أصله : أخير وهو المزاوج لقوله : (وَأَطْهَرُ) أي ذلك أشد خيرية لكم من أن تناجوا الرسول صلىاللهعليهوسلم بدون تقديم صدقة ، وإن كان في كلّ خير. كقوله : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٧١].
ويجوز أن يكون اسما على وزن فعل وهو مقابل الشّر ، أي تقديم الصدقة قبل النجوى فيه خير لكم وهو تحصيل رضى الله تعالى في حين إقبالهم على رسوله صلىاللهعليهوسلم فيحصل من الانتفاع بالمناجاة ما لا يحصل مثله بدون تقديم الصدقة.
وأما (أَطْهَرُ) فهو اسم تفضيل لا محالة ، أي أطهر لكم بمعنى : أشد طهرا ، والطهر هنا معنوي ، وهو طهر النفس وزكاؤها لأن المتصدق تتوجه إليه أنوار ربانية من رضى الله عنه فتكون نفسه زكية كما قال تعالى : (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) [التوبة : ١٠٣]. ومنه سميت الصدقة زكاة.
وصفة هذه الصدقة أنها كانت تعطى للفقير حين يعمد المسلم إلى الذهاب إلى النبيصلىاللهعليهوسلم ليناجيه.
وعذر الله العاجزين عن تقديم الصدقة بقوله : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي فإن لم تجدوا ما تتصدقون به قبل النجوى غفر الله لكم المغفرة التي كانت تحصل لكم لو تصدقتم لأن من نوى أن يفعل الخير لو قدر عليه كان له أجر على نيته.
وأما استفادة أن غير الواجد لا حرج عليه في النجوى بدون صدقة فحاصلة بدلالة الفحوى لأنه لا يترك مناجاة الرسول صلىاللهعليهوسلم فإن إرادة مناجاته الرسول صلىاللهعليهوسلم ليست عبثا بل لتحصيل علم من أمور الدين.
وأما قوله : (رَحِيمٌ) فهو في مقابلة ما فات غير الواجد ما يتصدق به من تزكية النفس إشعارا له بأن رحمة الله تنفعه.
واتفق العلماء على أن حكم هذه الآية منسوخ.
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣))