فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) في سورة الأحقاف [١١]. و (إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) في سورة الكهف [١٦].
وجملة (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) تذييل لجملة (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) وهو كناية عن التحذير من التفريط في طاعة الله ورسوله.
[١٤ ، ١٥] (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥))
هذه حالة أخرى من أحوال أهل النفاق هي تولّيهم اليهود مع أنهم ليسوا من أهل ملتهم لأن المنافقين من أهل الشرك.
والجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا لأنها عود إلى الغرض الذي سبقت فيه آيات (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا) [المجادلة : ٥] بعد أن فصل بمستطردات كثيرة بعده.
والقوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود وقد عرفوا بما يرادف هذا الوصف في القرآن في قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧].
والاستفهام تعجيبي مثل قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى) [المجادلة : ٨].
ووجه التعجيب من حالهم أنهم تولّوا قوما من غير جنسهم وليسوا في دينهم ما حملهم على توليهم إلا اشتراك الفريقين في عداوة الإسلام والمسلمين.
وضمير (ما هُمْ) يحتمل أن يعود إلى (الَّذِينَ تَوَلَّوْا) وهم المنافقون فيكون جملة (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) حالا من (الَّذِينَ تَوَلَّوْا) ، أي ما هم مسلمون ولا يهود. ويجوز أن يعود الضمير إلى (قَوْماً) وهم اليهود. فتكون جملة (ما هُمْ مِنْكُمْ) صفة (قَوْماً) قوما ليسوا مسلمين ولا مشركين بل هم يهود.
وكذلك ضمير (وَلا مِنْهُمْ) يحتمل الأمرين على التعاكس وكلا الاحتمالين واقع. ومراد على طريقة الكلام الموجه تكثيرا للمعاني مع الإيجاز فيفيد التعجيب من حال المنافقين أن يتولوا قوما أجانب عنهم على قوم هم أيضا أجانب عنهم ، على أنهم إن كان يفرق بينهم وبين المسلمين اختلاف الدّين فإن الذي يفرق بينهم وبين اليهود اختلاف الدين واختلاف النسب لأن المنافقين من أهل يثرب عرب ويفيد بالاحتمال الآخر الإخبار عن