المنافقين بأن إسلامهم ليس صادقا ، أي ما هم منكم أيها المسلمون ، وهو المقصود. ويكون قوله : (وَلا مِنْهُمْ) على هذا الاحتمال احتراسا وتتميما لحكاية حالهم ، وعلى هذا الاحتمال يكون ذم المنافقين أشد لأنه يدل على حماقتهم إذ جعلوا لهم أولياء من ليسوا على دينهم فهم لا يوثق بولايتهم وأضمروا بغض المسلمين فلم يصادفوا الدين الحق.
(وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) عطف على (تَوَلَّوْا) وجيء به مضارعا للدلالة على تجدده ولاستحضار الحالة العجيبة في حين حلفهم على الكذب للتنصل مما فعلوه. والكذب الخبر المخالف للواقع وهي الأخبار التي يخبرون بها عن أنفسهم في نفي ما يصدر منهم في جانب المسلمين.
(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) جملة في موضع الحال ، وذلك أدخل في التعجيب لأنه أشنع من الحلف على الكذب لعدم التثبت في المحلوف عليه.
وأشار هذا إلى ما كان يحلفه المنافقون للنبي صلىاللهعليهوسلم وللمسلمين إذا كشف لهم بعض مكائدهم ، ومن ذلك قول الله تعالى فيهم : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ) [التوبة : ٥٦] ، وقوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) [التوبة : ٦٢] وقوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) [التوبة : ٧٤].
قال السدّي ومقاتل : نزلت في عبد الله بن أبي وعبد الله بن نبتل (بنون فباء موحدة فمثناة فوقية) كان أحدهما وهو عبد الله بن نبتل يجالس النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويرفع أخباره إلى اليهود ويسبّ النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا بلغ خبره أو أطلعه الله عليه جاء فاعتذر وأقسم إنه ما فعل.
وجملة (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) تعليل لإعداد العذاب الشديد لهم ، أي أنهم عملوا فيما مضى أعمالا سيئة متطاولة متكررة كما يؤذن به المضارع من قوله : (يَعْمَلُونَ).
وبين (يَعْمَلُونَ) ، و (يَعْلَمُونَ) الجناس المقلوب قلب بعض.
(اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٦))
جملة مستأنفة استئنافا بيانيا عن جملة (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون)] المحادثة : ١ [، لأن ذلك يثير سؤال سائل أن يقول : ما ألجاهم إلى الحلف على الكذب ، فأجيب بأن ذلك لقضاء مآريهم وزيادة مكرهم. ويجوز أن تجعل الجملة خبرا ثانيا لأن في