عمرو بن أمية ، فلما ناما عدا عليهما فقتلهما وهو يحسب أنه يثأر بهما من بني عامر الذين قتلوا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببئر معونة ، ولما قدم عمرو بن أمية أخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما فعل فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد قتلت قتيلين ولآدينّهما» ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين إذ كان بين بني النضير وبين بني عامر حلف ، وأضمر بنو النضير الغدر برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأطلعه الله عليه فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسلمين بالتهيّؤ لحربهم.
ثم أمر النبي صلىاللهعليهوسلم المسلمين بالسير إليهم في ربيع الأول سنة أربع من الهجرة فسار إليهم هو والمسلمون وأمرهم بأن يخرجوا من قريتهم فامتنعوا وتنادوا إلى الحرب ودسّ إليهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول أن لا يخرجوا من قريتهم وقال : إن قاتلكم المسلمون فنحن معكم ولننصرنّكم وإن أخرجتم لنخرجنّ معكم فدرّبوا على الأزقة (أي سدّوا منافذ بعضها لبعض ليكون كلّ درب منها صالحا للمدافعة) وحصّنوها ، ووعدهم أن معه ألفين من قومه وغيرهم ، وأن معهم قريظة وحلفاءهم من غطفان من العرب فحاصرهم النبي صلىاللهعليهوسلم وانتظروا عبد الله بن أبيّ ابن سلول وقريظة وغطفان أن يقدموا إليهم ليردوا عنهم جيش المسلمين فلما رأوا أنهم لم ينجدوهم قذف الله في قلوبهم الرعب فطلبوا من النبي صلىاللهعليهوسلم الصلح فأبى إلا الجلاء عن ديارهم وتشارطوا على أن يخرجوا ويحمل كلّ ثلاثة أبيات منهم حمل بعير مما شاءوا من متاعهم ، فجعلوا يخرّبون بيوتهم ليحملوا معهم ما ينتفعون به من الخشب والأبواب.
فخرجوا فمنهم من لحق بخيبر ، وقليل منهم لحقوا ببلاد الشام في مدن (أريحا) وأذرعات من أرض الشام وخرج قليل منهم إلى الحيرة.
واللام في قوله : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) لام التوقيت وهي التي تدخل على أول الزمان المجعول ظرفا لعمل مثل قوله تعالى : (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢٤] أي من وقت حياتي. وقولهم : كتب ليوم كذا. وهي بمعنى (عند). فالمعنى أنه أخرجهم عند مبدأ الحشر المقدر لهم ، وهذا إيماء إلى أن الله قدر أن يخرجوا من جميع ديارهم في بلاد العرب. وهذا التقدير أمر به النبي صلىاللهعليهوسلم كما سيأتي. فالتعريف في (الْحَشْرِ) تعريف العهد.
والحشر : جمع ناس في مكان قال تعالى : (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) [الشعراء : ٣٦ ، ٣٧].