والمشاقّة : المخاصمة والعداوة قال تعالى : (وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) [النحل : ٢٧] وقد تقدم نظيره في أول الأنفال.
والمشاقّة كالمحادّة مشتقة من الاسم. وهو الشقّ ، كما اشتقت المحادّة من الحدّ ، كما تقدم في أول سورة المجادلة. وتقدم في سورة النساء [٣٥](وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما).
وقد كان بنو النضير ناصبوا المسلمين العداء بعد أن سكنوا المدينة وأضروا المنافقين وعاهدوا مشركي أهل مكة كما علمت آنفا.
وجملة (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) تذييل ، أي شديد العقاب لكل من يشاققه من هؤلاء وغيرهم.
وعطف اسم الرسول صلىاللهعليهوسلم على اسم الجلالة في الجملة الأولى لقصر تعظيم شأن الرسول صلىاللهعليهوسلم ليعلموا أن طاعته طاعة الله لأنه إنما يدعو إلى ما أمره الله بتبليغه ولم يعطف اسم الرسول صلىاللهعليهوسلم في الجملة الثانية استغناء بما علم من الجملة الأولى.
وأدغم القافان في (يُشَاقِ) لأن الإدغام والإظهار في مثله جائزان في العربية. وقرئ بهما في قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) في سورة البقرة [٢١٧]. والفكّ لغة الحجاز ، والإدغام لغة بقية العرب.
وجملة (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) دليل جواب (مَنْ) الشرطية إذ التقدير : ومن يشاقق الله فالله معاقبهم إنه شديد العقاب.
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥))
استئناف ابتدائي أفضى به إلى المقصد من السورة عن أحكام أموال بني النضير وإشارة الآية إلى ما حدث في حصار بني النضير وذلك أنهم قبل أن يستسلموا اعتصموا بحصونهم فحاصرهم المسلمون وكانت حوائطهم خارج قريتهم وكانت الحوائط تسمى البويرة (بضم الباء الموحدة وفتح الواو وهي تصغير بؤر بهمزة مضمومة بعد الباء فخففت واوا) عمد بعض المسلمين إلى قطع بعض نخيل النضير قيل بأمر من النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل بدون أمره ولكنه لم يغيره عليهم. فقيل كان ذلك ليوسعوا مكانا لمعسكرهم ، وقيل لتخويف بني