ثمارها جائز إذا دعت إليه المصلحة المتعينة وهو قول مالك. وإتلاف بعض المال لإنقاذ باقيه مصلحة وقوله : (مِنْ لِينَةٍ) بيان لما في قوله : (ما قَطَعْتُمْ).
واللّينة : النخلة ذات الثمر الطيّب تطلق اسم اللينة على كل نخلة غير العجوة والبرنيّ في قول جمهور أهل المدينة وأئمة اللغة. وتمر اللّينة يسمى اللّون.
وإيثار (لِينَةٍ) على نخلة لأنه أخف ولذلك لم يرد لفظ نخلة مفردا في القرآن ، وإنما ورد النخل اسم جمع.
قال أهل اللغة : ياء لينة أصلها واو انقلبت ياء لوقوعها إثر كسرة ولم يذكروا سبب كسر أوله ويقال : لونة وهو ظاهر.
وفي كتب السيرة يذكر أن بعض نخل بني النضير أحرقه المسلمون وقد تضمن ذلك شعر حسان ولم يذكر القرآن الحرق فلعل خبر الحرق مما أرجف به فتناقله بعض الرواة ، وجرى عليه شعر حسّان وشعر أبي سفيان بن الحارث ، أو أن النخلات التي قطعت أحرقها الجيش للطبخ أو للدفء.
وجيء بالحال في قوله : (قائِمَةً عَلى أُصُولِها) لتصوير هيئتها وحسنها. وفيه إيماء إلى أن ترك القطع أولى. وضمير (أُصُولِها) عائد إلى (ما) الموصولة في قوله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ) لأن مدلول (ما) هنا جمع وليس عائدا إلى (لِينَةٍ) لأن اللّينة ليس لها عدة أصول بل لكل ليّنة أصل واحد.
وتعلق (عَلى أُصُولِها) ب (قائِمَةً). والمقصود : زيادة تصوير حسنها. والأصول : القواعد. والمراد هنا : سوق النخل قال تعالى : (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) [إبراهيم : ٢٤]. ووصفها بأنها (قائِمَةً عَلى أُصُولِها) هو بتقدير : قائمة فروعها على أصولها لظهور أن أصل النخلة بعضها.
والفاء من قوله : (فَبِإِذْنِ اللهِ) مزيدة في خبر المبتدأ لأنه اسم موصول ، واسم الموصول يعامل معاملة الشرط كثيرا إذا ضمن معنى التسبب ، وقد قرئ بالفاء وبدونها قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) في سورة الشورى [٣٠].
وعطف (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) من عطف العلة على السبب وهو (فَبِإِذْنِ اللهِ) لأن السبب في معنى العلة ، ونظيره قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) الآية في آل عمران [١٦٦].