والسماع في قوله : (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) مستعمل في معناه الحقيقي المناسب لصفات الله إذ لا صارف يصرف عن الحقيقة. وكون الله تعالى عالما بما جرى من المحاورة معلوم لا يراد من الإخبار به إفادة الحكم ، فتعيّن صرف الخبر إلى إرادة الاعتناء بذلك التحاور والتنويه به وبعظيم منزلته لاشتماله على ترقّب النبي صلىاللهعليهوسلم ما ينزله عليه من وحي ، وترقب المرأة الرحمة ، وإلا فإن المسلمين يعلمون أن الله عالم بتحاورهما.
وجملة : (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) في موضع الحال من ضمير (تُجادِلُكَ). وجيء بصيغة المضارع لاستحضار حالة مقارنة علم الله لتحاورهما زيادة في التنويه بشأن ذلك التحاور.
وجملة (اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) تذييل لجملة (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) أي : أن الله عالم بكل صوت وبكل مرئيّ. ومن ذلك محاورة المجادلة ووقوعها عند النبي صلىاللهعليهوسلم. وتكرير اسم الجلالة في موضع إضماره ثلاث مرات لتربية المهابة وإثارة تعظيم منته تعالى ودواعي شكره.
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢))
تتنزل جملة (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) وما يتم أحكامها منزلة البيان لجملة (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) [المجادلة : ١] الآية لأن فيها مخرجا ممّا لحق بالمجادلة من ضر بظهار زوجها ، وإبطالا له ، ولها أيضا موقع الاستئناف البياني لجملة (قَدْ سَمِعَ اللهُ) يثير سؤالا في النفس أن تقول : فما ذا نشأ عن استجابة الله لشكوى المجادلة فيجاب بما فيه المخرج لها منه.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب يظهرون بفتح الياء وتشديد الظاء والهاء مفتوحتين بدون ألف بعد الظاء على أن أصله : يتظهرون ، فأدغمت التاء في الظاء لقرب مخرجيهما ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف (يُظاهِرُونَ) بفتح الياء وتشديد الظاء وألف بعدها على أن أصله : يتظاهرون ، فأدغمت التاء كما تقدم ، وقرأ عاصم (يُظاهِرُونَ) بضم الياء وتخفيف الظاء وألف وكسر الهاء على أنه مضارع ظاهر.
ولم يأت مصدره إلّا على وزن الفعال ووزن المفاعلة. يقال : صدر منه ظهار