والجمع ، أي استولت عليه وأحدقت به من كل جانب ، بأن مات مشركا (فَأُولئِكَ) روعي فيه معنى : من.
سبب النزول :
نزلت الآية (٧٩) في أهل الكتاب كما قال ابن عباس ، أو في أحبار اليهود كما قال العباس : «الذين غيّروا صفة النّبي صلىاللهعليهوسلم وبدلوا نعته» ، وكانت صفته في التوراة : أكحل ، أعين ، ربعة ، جعد الشعر ، حسن الوجه ، فمحوه حسدا وبغيا ، وقالوا : نجده طويلا أزرق ، سبط الشعر.
ونزلت الآية (٨٠) كما قال ابن عباس : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، ويهود تقول : إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذب الناس في النار ، لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوم واحد في النار من أيام الآخرة ، فإنما هي سبعة أيام ، ثم ينقطع العذاب ، فأنزل الله في ذلك : (وَقالُوا : لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) إلى قوله (خالِدُونَ). وروى الطبري عن ابن عباس : أن اليهود قالوا : لن ندخل النار ، إلا تحلة القسم ، الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين ليلة ، فإذا انقضت ، انقطع عنا العذاب ، فنزلت الآية (١)
التفسير والبيان :
الهلاك والعذاب الشديد أو العقوبة العظيمة لمن حرفوا التوراة ، وكتبوا الآيات المحرفة بأيديهم ، وغيّروا صفة النّبي صلىاللهعليهوسلم التي كانت مكتوبة عندهم في التوراة ، والعذاب أيضا لهم لأخذ الرشوة وفعلهم المعاصي ، ونسبتهم الافتراءات إلى الله تعالى ، ليأخذوا بهذا الكذب أو الافتراء ثمنا دنيويا حقيرا من مال أو رياسة أو جاه ، فويل لهم مما كسبوا ، لأنه كانت لليهود جنايات ثلاث : تغيير
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ١٤ ، للسيوطي بهامش الجلالين : ص ١٧ ـ ١٨ ، تفسير الطبري : ١ / ٣٠٢ وما بعدها ، تفسير القرطبي : ٢ / ١٠