فقه الحياة أو الأحكام :
إن الأمور التي ذكّر الله بها بني إسرائيل في هذه الآية ، أمر بها جميع الخلق ، ولذلك خلقهم ، وهي تكوّن النظام الديني والأخلاقي والاجتماعي ، وجاء الترتيب في الآية بتقديم الأهم فالأهم ، فقدم حق الله تعالى لأنه المنعم في الحقيقة على حق العباد ، ثم ذكر الوالدين لحقهما في تربية الولد ، ثم القرابة ، لأن فيهم صلة الرحم ، ثم اليتامى لقصورهم ، ثم المساكين لضعفهم ، وهي تشمل ما يلي :
١ ـ عبادة الله وحده لا شريك له : فهي برهان الاعتقاد الصحيح ودليل الإيمان من جميع الناس ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء ٢١ / ٢٥]. وقال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ، وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل ١٦ / ٣٦]. قال ابن كثير : وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها ، وهو حق الله تبارك وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له. والمراد بقوله تعالى : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) كما قال الزمخشري الطلب ، فهو خبر بمعنى الطلب ، وهو آكد.
٢ ـ الإحسان إلى الوالدين : هذا يأتي بعد حق الله ، فإن آكد حقوق المخلوقين ، وأولاهم بذلك حق الوالدين ، ولهذا يقرن تبارك وتعالى بين حقه بالتوحيد وحق الوالدين ، لأن النشأة الأولى من عند الله ، والنشء الثاني ـ وهو التربية ـ من جهة الوالدين ، ولهذا قرن تعالى الشكر لهما بشكره ، فقال : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ ، إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان ٣١ / ١٤] وقال : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [الإسراء ١٧ / ٢٣].
والإحسان إلى الوالدين : معاشرتهما بالمعروف ، والتواضع لهما ، وامتثال أمرهما ، والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما ، وصلة أهل ودّهما.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود : «قلت : يا رسول الله ، أي العمل