ما بعده. وإنما قال : (تَقْتُلُونَ) ولم يقل «قتلتم» لتطابق «كذبتم» لأجل الفواصل ، فإن فواصل الآيات كرؤوس الأبيات ، ولأن المضارع يستعمل في الماضي الذي بلغ من الغرابة مبلغا عظيما ، كأن صورة قتل الأنبياء ماثلة أمام السامع ينظر إليها.
(عَلَى الْكافِرِينَ) ولم يقل «عليهم» : وضع الظاهر مكان الضمير ، ليبين أن سبب اللعنة هو كفرهم.
المفردات اللغوية :
(الْكِتابَ) التوراة. (وَقَفَّيْنا) أتبعناهم رسولا إثر رسول على منهاج واحد. و (عِيسَى) بالسريانية : يسوع ، ومعناه السيد أو المبارك ، و (مَرْيَمَ) بالعبرية : الخادم ، لأن أمها نذرتها لخدمة بيت المقدس. (الْبَيِّناتِ) المعجزات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص. (وَأَيَّدْناهُ) قويناه. (بِرُوحِ الْقُدُسِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي الروح المطهرة المقدسة : جبريل عليهالسلام ، لطهارته ، ينزل على الأنبياء ويقدس نفوسهم ويزكيها ، قال الحسن البصري : «إنما سمي جبريل (روح القدس) لأن القدس هو الله ، وروحه جبريل ، فالإضافة للتشريف» ، قال الرازي : «ومما يدل على أن روح القدس جبريل قوله تعالى [في سورة النحل ١٦ / ١٠٢] : (قُلْ : نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ)» (١) ويطلق عليه الروح الأمين كما قال تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء ٢٦ / ١٩٣ ـ ١٩٥]. (تَهْوى) تحب. (اسْتَكْبَرْتُمْ) تكبرتم عن اتباعه. (تَقْتُلُونَ) يراد به حكاية الحال الماضية ، أي قتلتم كزكريا ويحيى عليهماالسلام.
(غُلْفٌ) عليها أغشية وأغطية ، فلا تعي ما تقول. (بَلْ) للإضراب. (لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم من رحمته وخذلهم من القبول. (بِكُفْرِهِمْ) أي ليس عدم قبولهم لخلل في قلوبهم. (ما يُؤْمِنُونَ) ما زائدة ، لتأكيد القلة ، أي إيمانهم قليل جدا ، أو معدوم.
(مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) من التوراة ، والكتاب هو القرآن. (يَسْتَفْتِحُونَ) يستنصرون ببعثته صلىاللهعليهوسلم على الكفار ، يقولون : اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث آخر الزمان. (ما عَرَفُوا) من الحق ، وهو بعثة النّبي. (كَفَرُوا بِهِ) حسدا وخوفا على الزعامة أو الرياسة.
سبب نزول الآية (٨٩):
قال ابن عباس : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلما التقوا هزمت يهود
__________________
(١) محاسن التأويل للقاسمي : ٢ / ١٨٦