الأصل الذي يتعلق بالأحرف السبعة ، وتتفرع من حرف واحد من الأحرف السبعة ، كما أبان القرطبي.
ثم إن الكلام على الأحرف السبعة أصبح تاريخيا ، فقد كانت تلك الأحرف السبعة توسعة في النطق بها على الناس في وقت خاص للضرورة ، لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم ، لأنهم كانوا أميين لا يكتب إلا القليل منهم ، ثم زال حكم تلك الضرورة ، وارتفع حكم تلك الأحرف السبعة ، وعاد ما يقرأ به القرآن على حرف واحد ، ولم يكتب القرآن إلا بحرف واحد منذ عهد عثمان ، مما قد تختلف فيه كتابة الحروف ، وهو حرف قريش الذي نزل به القرآن ، كما أوضح الطحاوي وابن عبد البر وابن حجر وغيرهم (١).
رابعا ـ القرآن كلام الله وأدلة الإثبات بوجوه الإعجاز :
إن القرآن العظيم المسموع والمكتوب : هو كلام الله القديم العزيز العليم ، ليس شيء منه كلاما لغيره من المخلوقين ، لا جبريل ، ولا محمّد ولا غيرهما ، والناس يقرءونه بأصواتهم (٢). قال الله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء ٢٦ / ١٩٢ ـ ١٩٥] وقال عزوجل : (قُلْ: نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ، لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ، وَهُدىً ، وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل ١٦ / ١٠٢].
والدليل على أن القرآن كلام الله : هو عجز الإنس والجن عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه ، وهذا هو المراد بإعجاز القرآن : أي عجز البشر عن الإتيان بمثله ، في بلاغته ، أو تشريعه أو مغيباته. قال الله تعالى مستثيرا العرب المعروفين بأنهم أساطين البيان وفرسان الفصاحة والبلاغة ، ومتحديا لهم بأن يأتوا
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٤٢ ـ ٤٣ ، فتح الباري : ٩ / ٢٤ ـ ٢٥ ، شرح مسلم للنووي : ٦ / ١٠٠
(٢) فتاوى ابن تيمية : ١٢ / ١١٧ ـ ١٦١ ، ١٧٢