الرابعة ـ انطباق المعاني القرآنية على مكتشفات العلوم والنظريات الثابتة. ويجمع هذه الخصائص آيات ثلاث في وصف القرآن ، وهي قوله تعالى : (الر. كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ، ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود ١١ / ١] وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ ، وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَلا مِنْ خَلْفِهِ ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت ٤١ / ٤١ ـ ٤٢] وقوله عزوجل : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر ٥٩ / ٢١].
وسيظل القرآن الكريم ناطقا بالمعجزات في كل عصر ، فهو ـ كما قال الرافعي (١) ـ كتاب كل عصر ، وله في كل دهر دليل من الدهر على الإعجاز ، وهو معجز في تاريخه دون سائر الكتب ، ومعجز في أثره الإنساني ، ومعجز كذلك في حقائقه ، وهذه وجوه عامة لا تخالف الفطرة الإنسانية في شيء ، فهي باقية ما بقيت.
خامسا ـ عربية القرآن وترجمته إلى اللغات الأخرى :
القرآن كله عربي (٢) ، نزل بلسان العرب ، وما من لفظ فيه إلا وهو عربي أصلا ، أو معرّب خاضع لموازين اللغة العربية وقوالبها ومقاييسها ... وقد زعم بعض الناس أن القرآن ليس عربيا خالصا ، لاشتماله على بعض كلمات من أصل أعجمي (غير عربي) ، مثل (سندس) و (إستبرق) وأنكر بعض العرب ألفاظ (قسورة) و (كبّارا) ، و (عجاب) فدخل شيخ طاعن في السن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له الرسول صلىاللهعليهوسلم : قم ، ثم قال له : اقعد ، كرر ذلك
__________________
(١) إعجاز القرآن : ص ١٧٣ ، ١٧٥
(٢) تفسير الطبري : ١ / ٢٥