فقال جماعة : هي سرّ الله في القرآن ، ولله في كل كتاب سر ، وهي مما استأثر الله بعلمه ، فهو من المتشابه الذي نؤمن به ، على أنه من عند الله ، دون تأويل ولا تعليل ، لكنه أمر مفهوم عند النّبي صلىاللهعليهوسلم.
وقال جماعة : لا بد أن يكون لذكره معنى وجيه ، والظاهر أنه إيماء إلى إقامة الحجة على العرب وتثبيته في أسماعهم وآذانهم ، بعد أن تحداهم القرآن على أن يأتوا بمثله ، علما بأن القرآن مؤتلف من حروف هي التي منها بناء كلامهم.
فكأنه يقول لهم : كيف تعجزون عن الإتيان بمثله أو بمثل سورة منه؟ مع أنه كلام عربي ، مكون من حروف هجائية ، ينطق بها كل عربي : أمي أو متعلم ، وهم أساطين البيان وفرسان الفصاحة والبلاغة ، ويعتمدون على هذه الحروف في الكلام : نثره وشعره وخطابته وكتابته ، وهم يكتبون بهذه الحروف ، ومع هذا فقد عجزوا عن مجاراة القرآن الذي نزل على محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقامت الحجة عليهم أنه كلام الله ، لا كلام بشر ، فيجب الإيمان به ، وتكون الفواتح الهجائية تقريعا لهم وإثباتا لعجزهم أن يأتوا بمثله.
لكنهم لما عجزوا عن معارضة القرآن ، كانوا مكابرين معاندين في عدم الإيمان به ، وقالوا ببلاهة وسخف ، وسطحية وسذاجة عن محمد والقرآن : محمد ساحر ، شاعر ، مجنون ، والقرآن : أساطير الأولين. وذلك كله آية الإفلاس ، ومظهر الضعف ، وفقد الحجة ، وكذب المعارضة والممانعة ، وكفر المقلّدة ، والعكوف على التقاليد العتيقة البالية ، والعقائد الوثنية الموروثة الخرقاء.
والرأي الثاني هو رأي جماهير المفسرين والمحققين من العلماء ، وهو المعقول المقتضي فتح الأسماع ، واستماع القرآن ، والإقرار بأنه كلام الله تعالى.
سابعا ـ التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية في القرآن :
إن القرآن الكريم الذي نزل بلسان العرب ، لم يخرج عن طبيعة اللغة العربية