(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أي طريق من أنعمت عليهم ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين السابقين ، وحسن أولئك رفيقا. (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) أي لا تجعلنا مع أولئك الحائدين عن طريق الاستقامة ، المبعدين عن رحمة الله ، المعاقبين أشد العقاب ، لأنهم عرفوا الحق وتركوه ، وضلوا الطريق. ويرى الجمهور أن المغضوب عليهم هم اليهود ، والضالين هم النصارى. والحق : أن المغضوب عليهم : هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه الله لعباده ، فرفضوه ونبذوه. والضالون : هم الذين لم يعرفوا الحق ، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح ، وهم الذين لم تبلغهم رسالة أو بلغتهم بنحو ناقص ..
التأمين : «آمين» دعاء ، أي تقبل منا واستجب دعاءنا ، وهي ليست من القرآن ، ولم تكن قبلنا إلا لموسى وهارون عليهماالسلام ، ويسن ختم الفاتحة بها ، بعد سكتة على نون (وَلَا الضَّالِّينَ) ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن. ودليل سنيتها ما رواه مالك والجماعة (أحمد والأئمة الستة) عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا أمّن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه».
آراء العلماء في الجهر والإسرار بالتأمين :
للعلماء رأيان : قال الحنفية ، والمالكية في الراجح : الإخفاء أو الإسرار بآمين أولى من الجهر بها ، لأنه دعاء ، وقد قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) [الأعراف ٧ / ٥٥] وقال ابن مسعود : «أربع يخفيهن الإمام : التعوذ ، والتسمية ، والتأمين ، والتحميد» أي قول : ربنا لك الحمد.
ورأى الشافعية والحنابلة : أن التأمين سرا في الصلاة السرية ، وجهرا فيما يجهر فيه بالقراءة ، ويؤمن المأموم مع تأمين إمامه ، لحديث أبي هريرة المتقدم : «إذا أمّن الإمام فأمنوا ...» ودليلهم على هذا التفصيل : حديث أبي هريرة : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا تلا : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : آمين ، حتى يسمع من يليه من الصف الأول»(١) وحديث وائل بن حجر : «سمعت
__________________
(١) رواه أبو داود وابن ماجه ، وقال : حتى يسمعها أهل الصف الأول ، فيرتج بها المسجد.