الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) وإمّا بمعنى العيب وهو كونه عاريا جائعا فيكون في معنى قوله : (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) [الصافات : ١٤٥] فإن السقم عيب أيضا.
وتنكير (نِعْمَةٌ) للتعظيم لأنها نعمة مضاعفة مكررة.
وفرع على هذا النفي الإخبار بأن الله اجتباه وجعله من الصالحين.
والمراد ب (الصَّالِحِينَ) المفضلون من الأنبياء ، وقد قال إبراهيم عليهالسلام (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [الشعراء : ٨٣] وذلك إيماء إلى أن الصلاح هو أصل الخير ورفع الدرجات ، وقد تقدم في قوله : (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) في سورة التحريم [١٠].
قال ابن عباس : رد الله إلى يونس الوحي وشفعه في نفسه وفي قومه.
[٥١ ـ ٥٢] (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢))
عطف على جملة (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) [القلم : ٤٤] ، عرّف الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بعض ما تنطوي عليه نفوس المشركين نحو النبي صلىاللهعليهوسلم من الحقد والغيظ وإضمار الشر عند ما يسمعون القرآن.
والزلق : بفتحتين زلل الرجل من ملاسة الأرض من طين عليها أو دهن ، وتقدم في قوله تعالى : (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) في سورة الكهف [٤٠].
ولما كان الزلق يفضي إلى السقوط غالبا أطلق الزلق وما يشتق منه على السقوط والاندحاض على وجه الكناية ، ومنه قوله هنا (لَيُزْلِقُونَكَ) ، أي يسقطونك ويصرعونك.
وعن مجاهد : أي ينفذونك بنظرهم. وقال القرطبي : يقال زلق السهم وزهق ، إذا نفذ ، ولم أراه لغيره ، قال الراغب قال يونس : لم يسمع الزلق والإزلاق إلّا في القرآن ا ه.
قلت : وعلى جميع الوجوه فقد جعل الإزلاق بأبصارهم على وجه الاستعارة المكنية ، شبهت الأبصار بالسهام ورمز إلى المشبه به بما هو من روادفه وهو فعل (يزلقونك) وهذا مثل قوله تعالى : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) [آل عمران : ١٥٥].