الأشاعرة : أن الشيء لا يطلق إلّا على الموجود فهو التزام ما لا يلزم دعا إليه سد باب الحجاج مع المعتزلة في أن الوجود عين الموجود أو زائد على الموجود ، فتفرعت عليه مسألة : أن المعدوم شيء عند جمهور المعتزلة وأن الشيء لا يطلق إلّا على الموجود عند الأشعري وبعض المعتزلة وهي مسألة لا طائل تحتها ، والخلاف فيها لفظي ، والحق أنها مبنية على الاصطلاح في مسائل علم الكلام لا على تحقيق المعنى في اللغة.
وتقديم المجرور في قوله : (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) للاهتمام بما فيه من التعميم ، ولإبطال دعوى المشركين نسبتهم الإلهية لأصنامهم مع اعترافهم بأنها لا تقدر على خلق السماوات والأرض ولا على الإحياء والإماتة.
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢))
صفة ل (الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) [الملك : ١] فلما شمل قوله : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك : ١] تعلق القدرة بالموجود والمعدوم أتبع بوصفه تعالى بالتصرف الذي منه خلق المخلوقات وأعراضها لأن الخلق أعظم تعلق القدرة بالمقدور لدلالته على صفة القدرة وعلى صفة العلم.
وأوثر بالذكر من المخلوقات الموت والحياة لأنهما أعظم العوارض لجنس الحيوان الذي هو أعجب الموجود على الأرض والذي الإنسان نوع منه ، وهو المقصود بالمخاطبة بالشرائع والمواعظ ، فالإماتة تصرف في الموجود بإعداده للفناء ، والإحياء تصرف في المعدوم بإيجاده ثم إعطائه الحياة ليستكمل وجود نوعه.
فليس ذكر خلق الموت والحياة تفصيلا لمعنى الملك بل هو وصف مستقل.
والاقتصار على خلق الموت والحياة لأنهما حالتان هما مظهرا تعلق القدرة بالمقدور في الذات والعرض لأن الموت والحياة عرضان والإنسان معروض لهما.
والعرض لا يقوم بنفسه فلما ذكر خلق العرض علم من ذكره خلق معروضه بدلالة الاقتضاء.
وأوثر ذكر الموت والحياة لما يدلان عليه من العبرة بتداول العرضين المتضادين على معروض واحد ، وللدلالة على كمال صنع الصانع ، فالموت والحياة عرضان يعرضان للموجود من الحيوان ، والموت يعد الموجود للفناء والحياة تعد الموجود للعمل للبقاء