منهم نفس باقية أو بتأويل فرقة ، أي ما ترى فرقة منهم باقية.
ويجوز أن تكون (باقِيَةٍ) مصدرا على وزن فاعلة مثل ما تقدم في الحاقة ، أي فما ترى لهم بقاء ، أي هلكوا عن بكرة أبيهم.
واللام في قوله : (لَهُمْ) يجوز أن تجعل لشبه الملك ، أي باقية لأجل النفع.
ويجوز أن يكون اللام بمعنى (من) مثل قولهم : سمعت له صراخا ، وقول الأعشى :
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت |
|
كما استعان بريح عشرق زجل |
وقول جرير :
ونحن لكم يوم القيامة أفضل
أي ونحن منكم أفضل.
ويجوز أن تكون اللام التي تنوى في الإضافة إذا لم تكن الإضافة على معنى (من). والأصل : فهل ترى باقيتهم ، فلما قصد التنصيص على عموم النفي واقتضى ذلك جلب (من) الزائدة لزم تنكير مدخول (من) الزائدة فأعطي حقّ معنى الإضافة بإظهار اللام التي الشأن أن تنوى كما في قوله تعالى : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) [الإسراء : ٥] فإن أصله: عبادنا.
وموقع المجرور باللام في موقع النعت ل (باقِيَةٍ) قدم عليها فصار حالا.
[٩ ـ ١٠] (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠))
عطف على جملة (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) [الحاقة : ٤].
وقد جمع في الذكر هنا عدة أمم تقدمت قبل بعثة موسى عليهالسلام إجمالا وتصريحا ، وخص منهم بالتصريح قوم فرعون والمؤتفكات لأنهم من أشهر الأمم ذكرا عند أهل الكتاب المختلطين بالعرب والنازلين بجوارهم ، فمن العرب من يبلغه بعض الخبر عن قصتهم.
وفي عطف هؤلاء على ثمود وعاد في سياق ذكر التكذيب بالقارعة إيماء إلى أنهم تشابهوا في التكذيب بالقارعة كما تشابهوا في المجيء بالخاطئة وعصيان رسل ربّهم ، فحصل في الكلام احتباك.