ب (واحِدَةٌ) أنها غير متبعة بثانية فقد جاء في آيات أخرى أنهما نفختان ، بل المراد أنها غير محتاج حصول المراد منها إلى تكررها كناية عن سرعة وقوع الواقعة ، أي يوم الواقعة.
وأما ذكر كلمة (نَفْخَةٌ) فليتأتى إجراء وصف الوحدة عليها فذكر (نَفْخَةٌ) تبع غير مسوق له الكلام فتكون هذه النفخة هي الأولى وهي المؤذنة بانقراض الدنيا ثم تقع النفخة الثانية التي تكون عند بعث الأموات.
وجملة (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) إلخ في موضع الحال لأن دكّ الأرض والجبال قد يحصل قبل النفخ في الصور لأن به فناء الدنيا.
ومعنى (حُمِلَتِ) : أنها أزيلت من أماكنها بأن أبعدت الأرض بجبالها عن مدارها المعتاد فارتطمت بأجرام أخرى في الفضاء (فَدُكَّتا) ، فشبهت هذه الحالة بحمل الحامل شيئا ليلقيه على الأرض ، مثل حمل الكرة بين اللاعبين ، ويجوز أن يكون تصرف الملائكة الموكلين بنقض نظام العالم في الكرة الأرضية بإبعادها عن مدارها مشبها بالحمل وذلك كله عند اختلال الجاذبية التي جعلها الله لحفظ نظام العالم إلى أمد معلوم لله تعالى.
والدك : دقّ شديد يكسر الشيء المدقوق ، أي فإذا فرقت أجزاء الأرض وأجزاء جبالها.
وبنيت أفعال (نُفِخَ ،) و (حُمِلَتِ ،) و (فَدُكَّتا) للمجهول لأن الغرض متعلق ببيان المفعول لا الفاعل وفاعل تلك الأفعال إما الملائكة أو ما أودعه الله من أسباب تلك الأفعال ، والكل بإذن الله وقدرته.
وجملة (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) مشتملة على جواب (إذا) ، أعني قوله (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ، وأما قوله : (فَيَوْمَئِذٍ) فهو تأكيد لمعنى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) إلخ لأن تنوين (يومئذ) عوض عن جملة تدل عليها جملة (نُفِخَ فِي الصُّورِ) إلى قوله (دَكَّةً واحِدَةً) ، أي فيوم إذ نفخ في الصور إلى آخره وقعت الواقعة وهو تأكيد لفظي بمرادف المؤكّد ، فإن المراد ب (يوم) من قوله (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ، مطلق الزمان كما هو الغالب في وقوعه مضافا إلى (إذا).
ومعنى (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) تحقق ما كان متوقّعا وقوعه لأنهم كانوا يتوعّدون بواقعة عظيمة فيومئذ يتحقق ما كانوا يتوعدون به.
فعبر عنه بفعل المضي تنبيها على تحقيق حصوله.