والمراد أنه مقدم سابق لإبانه لينتفع به عند الحاجة إليه ، ومنه اشتق السلف للقرض ، والإسلاف للإقراض ، والسّلفة للسّلم.
و (الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) : الماضية البعيدة مشتق من الخلو وهو الشغور والبعد.
[٢٥ ـ ٢٩] (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩))
هذا قسيم (مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) [الحاقة : ١٩] ، فالقول في إيتائه كتابه بشماله قد عرف وجهه ممّا تقدم.
وتمنّي كل من أوتي كتابه بشماله أنه لم يؤت كتابه ، لأنه علم من الاطلاع على كتابه أنه صائر إلى العذاب فيتمنى أن لا يكون علم بذلك إبقاء على نفسه من حزنها زمنا فإن ترقّب السوء عذاب.
وجملة (وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) في موضع الحال من ضمير (لَيْتَنِي).
والمعنى : إنه كان مكذبا بالحساب وهو مقابل قول الذي أوتي كتابه بيمينه : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٠].
وجملة الحال معترضة بين جملتي التمني.
ويجوز أن يكون عطفا على التمني ، أي يا ليتني لم أدر ما حسابيه ، أي لم أعرف كنه حسابي ، أي نتيجته ، وهذا وإن كان في معنى التمني الذي قبله فإعادته تكرير لأجل التحسر والتحزن.
و (ما) استفهامية ، والاستفهام بها هو الذي علّق فعل (أَدْرِ) عن العمل ، و (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) تمنّ آخر ولم يعطف على التمنّي الأول لأن المقصود التحسر والتندم.
وضمير (لَيْتَها) عائد إلى معلوم من السياق ، أي ليت حالتي ، أو ليت مصيبتي كانت القاضية.
و (الْقاضِيَةَ) : الموت وهو معنى قوله تعالى : (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [النبأ : ٤٠] ، أي مقبورا في التراب.
وجملة (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) من الكلام الصالح لأن يكون مثلا لإيجازه ووفرة