إلّا أن كناية ما في الآية عن البخل أقوى من كناية ما في البيت عن الكرم لأن الملازمة في الآية حاصلة بطريق الأولوية بخلاف البيت.
وإذ قد جعل عدم حضه على طعام المسكين جزء علة لشدة عذابه ، علمنا من ذلك موعظة للمؤمنين زاجرة عن منع المساكين حقهم في الأموال وهو الحق المعروف في الزكاة والكفارات وغيرها.
وقوله : (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) من تمام الكلام الذي ابتدئ بقوله (خُذُوهُ) ، وتفريع عليه.
والمقصود منه أن يسمعه من أوتي كتابه بشماله فييأس من أن يجد مدافعا يدفع عنه بشفاعة ، وتنديم له على ما أضاعه في حياته من التزلف إلى الأصنام وسدنتها وتمويههم عليه أنه يجدهم عند الشدائد وإلمام المصائب. وهذا وجه تقييد نفي الحميم ب (الْيَوْمَ) تعريضا بأن أحمّاءهم في الدنيا لا ينفعونهم اليوم كما قال تعالى : (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام : ٢٢] وقوله عنهم (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) [الأعراف : ٥٣] وغير ذلك مما تفوق في آي القرآن.
فقوله (لَهُ) هو خبر (فَلَيْسَ) لأن المجرور بلام الاختصاص هو محط الأخبار دون ظرف المكان. وقوله : (هاهُنا) ظرف متعلق بالكون المنوي في الخبر بحرف الجر. وهذا أولى من جعل (هاهُنا) خبرا عن (فَلَيْسَ) وجعل (لَهُ) صفة ل (حَمِيمٌ) إذ لا حاجة لهذا الوصف.
والحميم : القريب ، وهو هنا كناية عن النصير إذ المتعارف عند العرب أن أنصار المرء هم عشيرته وقبيلته.
(وَلا طَعامٌ) عطف على (حَمِيمٌ).
والغسلين : بكسر الغين ما يدخل في أفواه أهل النار من المواد السائلة من الأجساد وماء النار ونحو ذلك مما يعلمه الله فهو علم على ذلك مثل سجين ، وسرقين ، وعرنين ، فقيل إنه فعلين من الغسل لأنه سال من الأبدان فكأنه غسل عنها. ولا موجب لبيان اشتقاقه.
و (الْخاطِؤُنَ) : أصحاب الخطايا يقال : خطئ إذا أذنب.