كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١))
(فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا)
فرع استفهام إنكاري وتعجيبي من تجمع المشركين إلى النبي صلىاللهعليهوسلم مستهزءين بما يسمعون من وعد المؤمنين بالجنة ووعيد المشركين بعذاب جهنم.
فرع ذلك على ما أفاده في قوله : (أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) [المعارج : ٣٥].
والمعنى : أن الذين كفروا لا مطمع لهم في دخول الجنة فما ذا يحاولون بتجمعهم حولك بملامح استهزائهم.
وهذا وإن كان خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم فالمقصود به إبلاغه إليهم فيما يتلو عليهم من القرآن فهو موجه إليهم في المعنى كما يدل عليه تنهيته بحرف الردع فهو لا يناسب أن يكون إعلاما للنبي صلىاللهعليهوسلم لذلك لأنه شيء مقرر في علمه.
ومعنى (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أيّ شيء ثبت للذين كفروا في حال كونهم عندك ، أو في حال إهطاعهم إليك.
وقد تقدم عند قوله تعالى : (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا) في سورة البقرة [٢٤٦]. وتركيب «ما له» لا يخلو من حال مفردة ، أو جملة بعد الاستفهام تكون هي مصبّ الاستفهام. فيجوز أن تكون الحال المتوجه إليها الاستفهام هنا الظرف ، أي (قِبَلَكَ) فيكون ظرفا مستقرا وصاحب الحال هو (لِ الَّذِينَ كَفَرُوا). ويجوز أن تكون (مُهْطِعِينَ) ، فيكون (قِبَلَكَ) ظرفا لغوا متعلقا ب (مُهْطِعِينَ). وعلى كلا الوجهين هما مثار التعجيب من حالهم فأيهما جعل محل التعجيب أجري الآخر المجرى اللائق به في التركيب. وكتب في المصحف اللام الداخلة على (الَّذِينَ) مفصولة عن مدخولها وهو رسم نادر.
والإهطاع : مد العنق عند السير كما تقدم في قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) في سورة القمر [٨].
قال الواحدي والبغوي وابن عطية وصاحب «الكشاف» : كان المشركون يجتمعون