واحد منهم وهم بين أبناء له وأنسباء فإضافتهم إلى ضميره تعريف لهم إذ لم يكن لهم اسم خاص من أسماء الأمم الواقعة من بعد.
وعدل عن أن يقال له : أنذر الناس إلى قوله : (أَنْذِرْ قَوْمَكَ) إلهابا لنفس نوح ليكون شديد الحرص على ما فيه نجاتهم من العذاب ، فإن فيهم أبناءه وقرابته وأحبته ، وهم عدد تكوّن بالتوالد في بني آدم في مدة ستمائة سنة من حلول جنس الإنسان على الأرض. ولعل عددهم يوم أرسل إليهم نوح لا يتجاوز بضعة آلاف.
[٢ ـ ٤] (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤))
(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى).
لم تعطف جملة (قالَ يا قَوْمِ) بالفاء التفريعية على جملة (أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) [نوح : ١] لأنها في معنى البيان لجملة (أَنْذِرْ قَوْمَكَ) [نوح : ١] لدلالتها على أنه أنذر قومه بما أمره الله أن يقوله لهم ، وإنما أدمج فيه فعل قول نوح للدلالة على أنه أمر أن يقول فقال ، تنبيها على مبادرة نوح لإنذار قومه في حين بلوغ الوحي إليه من الله بأن ينذر قومه.
ولك أن تجعلها استئنافا بيانيا لجواب سؤال السامع أن يسأل ما ذا فعل نوح حين أرسل الله إليه (أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) ، وهما متقاربان.
وافتتاح دعوته قومه بالنداء لطلب إقبال أذهانهم ونداؤهم بعنوان : أنهم قومه ، تمهيد لقبول نصحه إذ لا يريد الرجل لقومه إلّا ما يريد لنفسه. وتصدير دعوته بحرف التوكيد لأن المخاطبين يترددون في الخبر.
والنذير : المنذر غير جار على القياس ، وهو مثل بشير ، ومثل حكيم بمعنى محكم ، وأليم بمعنى مؤلم ، وسميع بمعنى مسمع ، في قول عمرو بن معديكرب :
أمن ريحانة الداعي السميع
وقد تقدم في أول سورة البقرة [١٠] عند قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). وحذف متعلق