وجعفر وخلف بفتح الهمزة عطفا على المجرور بالباء ، والمقصود منه هو قوله : (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) وأما قوله : (كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ) إلخ ، فهو تمهيد لما بعده.
وإطلاق الرجال على الجن على طريق التشبيه والمشاكلة لوقوعه مع رجال من الإنس فإن الرجل اسم للذكر البالغ من بني آدم.
والتأكيد ب (إن) مكسورة أو مفتوحة راجع إلى ما تفرع على خبرها من قولهم (فَزادُوهُمْ رَهَقاً).
والعوذ : الالتجاء إلى ما ينجي من شيء يضر ، قال تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) [المؤمنون : ٩٧] ، فإذا حمل العوذ على حقيقته كان المعنى أنه كان رجال يلتجئون إلى الجن ليدفع الجن عنهم بعض الأضرار فوقع تفسير ذلك بما كان يفعله المشركون في الجاهلية إذا سار أحدهم في مكان قفر ووحش أو تعزب في الرعي كانوا يتوهمون أن الجن تسكن القفر ويخافون تعرض الجن والغيلان لهم وعبثها بهم في الليل فكان الخائف يصيح بأعلى صوته : يا عزيز هذا الوادي إني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك ، فيخال أن الجني الذي بالوادي يمنعه ، قالوا : وأول من سن ذلك لهم قوم من أهل اليمن ثم بنو حنيفة ثم فشا ذلك في العرب وهي أوهام وتخيلات.
وزعم أهل هذا التفسير أن معنى (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) أن الجن كانوا يحتقرون الإنس بهذا الخوف فكانوا يكثرون من التعرض لهم والتخيل إليهم فيزدادون بذلك مخافة.
والرهق : الذل.
والذي أختاره في معنى الآية أن العوذ هنا هو الالتجاء إلى الشيء والالتفات حوله. وأن المراد أنه كان قوم من المشركين يعبدون الجن اتقاء شرها. ومعنى (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) فزادتهم عبادتهم إياهم ضلالا. والرهق : يطلق على الإثم.
(وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً (٧))
قرأ الجمهور ووافقهم أبو جعفر بكسر همزة (وَأَنَّهُمْ). وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتح الهمزة على اعتبار ما تقدم في قوله تعالى : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) [الجن : ٣].
والمعنى : أن رجالا من الإنس ظنّوا أن الله لا يبعث أحدا ، أو وأنا آمنا بأنهم ظنّوا