لموعظة المشركين من الناس فهو في معنى التذييل. وإنما قرن بالفاء لتفريعه على القصة لاستخلاص العبرة منها ، فالتفريع تفريع كلام على كلام وليس تفريع معنى الكلام على معنى الكلام الذي قبله.
والتحري : طلب الحرا بفتحتين مقصورا واويّا ، وهو الشيء الذي ينبغي أن يفعل ، يقال : بالحرّي أن تفعل كذا ، وأحرى أن تفعل.
والرشد : الهدى والصواب ، وتنوينه للتعظيم.
والمعنى : أن من آمن بالله فقد توخى سبب النجاة وما يحصل به الثواب لأن الرشد سبب ذلك.
والقاسط : اسم فاعل قسط من باب ضرب قسطا بفتح القاف وقسوطا بضمها ، أي جار فهو كالظلم يراد به ظلم المرء نفسه بالإشراك. وفي «الكشاف» : أن الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله ما تقول فيّ؟ قال : قاسط عادل ، فقال القوم : ما أحسن ما قال! حسبوا أنه وصفه بالقسط (بكسر القاف) والعدل ، فقال الحجاج : يا جهلة إنه سمّاني ظالما مشركا وتلا لهم قوله تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) وقوله تعالى: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام : ١] ا ه.
وشبه حلول الكافرين في جهنم بحلول الحطب في النار على طريقة التمليح والتحقير ، أي هم لجهلهم كالحطب الذي لا يعقل كقوله تعالى : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [البقرة : ٢٤].
وإقحام فعل (كانوا) لتحقيق مصيرهم إلى النّار حتى كأنهم كانوا كذلك من زمن مضى.
[١٦ ـ ١٧] (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧))
اتفق القراء العشرة على فتح همزة : (أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) ، فجملة (أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) معطوفة على جملة (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ١] ، والواو من الحكاية لا من المحكي ، فمضمونها شأن ثان مما أوحي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وأمره الله أن يقوله للناس. والتقدير : وأوحي إليّ أنه لو استقام القاسطون فأسلموا لما أصابهم الله بإمساك الغيث.