خاص بألفاظ مخصوصة ، فالمراد منها هنا تبليغ القرآن.
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً).
لما كان قوله : (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) [الجن : ٢٠] إلى هنا كلاما متضمنا أنهم أشركوا وعاندوا الرسول صلىاللهعليهوسلم حين دعاهم إلى التوحيد واقترحوا عليه ما توهموه تعجيزا له من ضروب الاقتراح ، أعقب ذلك بتهديدهم ووعيدهم بأنهم إن داموا على عصيان الله ورسوله سيلقون نار جهنم لأن كل من يعصي الله ورسوله كانت له نار جهنم.
و (مِنَ) شرطية وجواب الشرط قوله : (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ).
(حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤))
كانوا إذا سمعوا آيات الوعد بنصر الرسول صلىاللهعليهوسلم والمسلمين في الدنيا والآخرة ، وآيات الوعيد للمشركين بالانهزام وعذاب الآخرة وعذاب الدنيا استسخروا من ذلك وقالوا : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سبأ : ٣٥] ، ويقولون : (مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [السجدة : ٢٨] ، ويقولون : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [يونس : ٤٨] ، وقالوا : (رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) [ص : ١٦] ، فهم مغرورون بالاستدراج والإمهال فلذلك عقب وعيدهم بالغاية المفادة من (حَتَّى) ، فالغاية هنا متعلقة بمحذوف يدل عليه الكلام من سخرية الكفار من الوعيد واستضعافهم المسلمين في العدد والعدد فإن ذلك يفهم منه أنهم لا يزالون يحسبون أنهم غالبون فائزون حتى إذا رأوا ما يوعدون تحققوا إخفاق آمالهم.
و (حَتَّى) هنا ابتدائية وكلما دخلت (حَتَّى) في جملة مفتتحة ب (إِذا) ف (حَتَّى) للابتداء وما بعدها جملة ابتدائية. وذهب الأخفش وابن مالك إلى أن (حَتَّى) في مثله جارة وأن (إِذا) في محل جرّ وليس ببعيد.
واعلم أن (حَتَّى) لا يفارقها معنى الغاية كيفما كان عمل (حَتَّى).
و (إِذا) اسم زمان للمستقبل مضمن معنى الشرط وهو في محل نصب بالفعل الذي في جوابه وهو (فَسَيَعْلَمُونَ).
وعلى رأي الأخفش وابن مالك (إِذا) محل جر ب (حَتَّى). واقتران جملة سيعلمون بالفاء دليل على أن (إِذا) ضمّن معنى الشرط ، واقتران الجواب بسين