في السماء.
(كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ).
أتبع وصف ما يجده أهل النار عند إلقائهم فيها من فظائع أهوالها بوصف ما يتلقاهم به خزنة النار.
فالجملة استئناف بياني أثاره وصف النار عند إلقاء أهل النار فيها إذ يتساءل السامع عن سبب وقوع أهل النار فيها فجاء بيانه بأنه تكذيبهم رسل الله الذين أرسلوا إليهم ، مع ما انضمّ إلى ذلك من وصف ندامة أهل النار على ما فرط منهم من تكذيب رسل الله وعلى إهمالهم النظر في دعوة الرسل والتدبر فيما جاءوهم به.
و (كُلَّما) مركب من (كل) اسم دال على الشمول ومن (ما) الظرفية المصدرية وهي حرف يؤوّل مع الفعل الذي بعده بمصدره.
والتقدير : في كل وقت إلقاء فوج يسألهم خزنتها الفوج.
وباتصال (كل) بحرف (ما) المصدرية الظرفية اكتسب التركيب معنى الشرط وشابه أدوات الشرط في الاحتياج إلى جملتين مرتبة إحداهما على الأخرى.
وجيء بفعلى (أُلْقِيَ) و (سَأَلَهُمْ) ماضيين لأن أكثر ما يقع الفعل بعد (كُلَّما) أن يكون بصيغة المضي لأنها لما شابهت الشرط استوى الماضي والمضارع معها لظهور أنه للزمن المستقبل فأوثر فعل المضي لأنه أخف.
والفوج : الجماعة أي جماعة ممن حق عليهم الخلود ، وتقدم عند قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) في سورة النمل [٨٣].
وجيء بالضمائر العائدة إلى الفوج ضمائر جمع في قوله : (سَأَلَهُمْ) إلخ. لتأويل الفوج بجماعة أفراده كما في قوله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) [الحجرات : ٩].
وخزنة النار : الملائكة الموكل إليهم أمر جهنم وهو جمع خازن للموكل بالحفظ وأصل الخازن : الذي يخزن شيئا ، أي يحفظه في مكان حصين ، فإطلاقه على الموكلين مجاز مرسل.