وقال (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) وهو عود إلى الترغيب في أن تكون مدة القيام أكثر من نصف الليل ولذلك لم يقيد (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) بمثل ما قيد به (أَوِ انْقُصْ مِنْهُ) لتكون الزيادة على النصف متسعة ، وقد ورد في الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم أخذ بالعزيمة فقام حتى تورمت قدماه وقيل له في ذلك : «إن الله غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر» فقال : «أفلا أكون عبدا شكورا».
والتخيير المستفاد من حرف (أَوِ) منظور فيه إلى تفاوت الليالي بالطول والقصر لأن لذلك ارتباطا بسعة النهار للعمل ولأخذ الحظ الفائت من النوم.
وبعد فذلك توسيع على النبي صلىاللهعليهوسلم لرفع حرج تحديده لزمن القيام فسلك به مسلك التقريب.
وجعل ابن عطية (اللَّيْلَ) اسم جنس يصدق على جميع الليالي ، وأن المعنى : إلّا قليلا من الليالي ، وهي الليالي التي يكون فيها عذر يمنعه من قيامها ، أي هو استثناء من الليالي باعتبار جزئياتها لا باعتبار الأجزاء ، ثم قال : (نِصْفَهُ) إلى آخره.
وتخصيص الليل بالصلاة فيه لأنه وقت النوم عادة فأمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بالقيام فيه زيادة في إشغال أوقاته بالإقبال على مناجاة الله : ولأن الليل وقت سكون الأصوات واشتغال الناس فتكون نفس القائم فيه أقوى استعدادا لتلقي الفيض الرباني.
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً).
يجوز أن يكون متعلقا بقيام الليل ، أي رتل قراءتك في القيام.
ويجوز أن يكون أمرا مستقلا بكيفية قراءة القرآن جرى ذكره بمناسبة الأمر بقيام الليل ، وهذا أولى لأن القراءة في الصلاة تدخل في ذلك. وقد كان نزول هذه السورة في أول العهد بنزول القرآن فكان جملة القرآن حين نزول هذه السورة سورتين أو ثلاث سور بناء على أصح الأقوال في أن هذا المقدار من السورة مكي ، وفي أن هذه السورة من أوائل السور ، وهذا مما أشعر به قوله : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) [المزمل : ٥] أي سنوحي إليك قرآنا.
فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يقرأ القرآن بمهل وتبيين.
والترتيل : جعل الشيء مرتّلا ، أي مفرقا ، وأصله من قولهم : ثغر مرتّل ، وهو المفلج