والمراد بالشهادة هنا : الشهادة بتبليغ ما أراده الله من الناس وبذلك يكون وصف (شاهِداً) موافقا لاستعمال الوصف باسم الفاعل في زمن الحال ، أي هو شاهد عليكم الآن بمعاودة الدعوة والإبلاغ.
وأما شهادة الرسول صلىاللهعليهوسلم يوم القيامة فهي شهادة بصدق المسلمين في شهادتهم على الأمم بأن رسلهم أبلغوا إليهم رسالات ربّهم ، وذلك قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) كما ورد تفصيل تفسيرها في الحديث الصحيح ، وقد تقدم في سورة البقرة [١٤٣].
وتنكير (رَسُولاً) المرسل إلى فرعون لأن الاعتبار بالإرسال لا بشخص المرسل إذ التشبيه تعلق بالإرسال في قوله : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ) إذ تقديره كإرسالنا إلى فرعون رسولا.
وتفريع (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) إيماء إلى أن ذلك هو الغرض من هذا الخبر وهو التهديد بأن يحلّ بالمخاطبين لمّا عصوا الرسول صلىاللهعليهوسلم مثل ما حلّ بفرعون.
وفي إظهار اسم فرعون في قوله : (فَعَصى فِرْعَوْنُ) دون أن يؤتى بضميره للنداء عليه بفظاعة عصيانه الرسول.
ولما جرى ذكر الرسول المرسل إلى فرعون أوّل مرة جيء به في ذكره ثاني مرة معرفا بلام العهد وهو العهد الذكري ، أي الرسول المذكور آنفا فإن النكرة إذا أعيدت معرفة باللام كان مدلولها عين الأولى.
والأخذ مستعمل في الإهلاك مجازا لأنه لما أزالهم من الحياة أشبه فعله أخذ الآخذ شيئا من موضعه وجعله عنده.
والوبيل : فعيل صفة مشبهة من وبل المكان ، إذا وخم هواؤه أو مرعى كلئه ، وقال زهير :
إلى كلإ مستوبل متوخّم
وهو هنا مستعار لسيّئ العاقبة شديد السوء ، وأريد به الغرق الذي أصاب فرعون وقومه.
[١٧ ـ ١٨] (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ