الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) في سورة النساء [١٠١].
والابتغاء من فضل الله طلب الرزق قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة : ١٩٨] أي التجارة في مدة الحج ، فقوله تعالى : (يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) مراد بالضرب في الأرض فيه السفر للتجارة لأن السير في الأسفار يكون في الليل كثيرا ويكون في النهار فيحتاج المسافر للنوم في النهار.
وفرع عليه مثل ما فرع على الذي قبله فقال : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي من القرآن.
وقد نيط مقدار القيام بالتيسير على جميع المسلمين وإن اختلفت الأعذار.
وهذه الآية اقتضت رفع وجوب قيام الليل عن المسلمين إن كان قد وجب عليهم من قبل على أحد الاحتمالين ، أو بيان لم يوجب عليهم وكانوا قد التزموه فبين لهم أن ما التزموه من التأسّي بالنبيء صلىاللهعليهوسلم في ذلك غير لازم لهم. وعلل عدم وجوبه عليهم بأن الأمة يكثر فيها أصحاب الأعذار التي يشق معها قيام الليل فلم يجعله الله واجبا عليهم أو رفع وجوبه. ولو لا اعتبار المظنة العامة لأبقي حكم القيام ورخص لأصحاب العذر في مدة العذر فقط فتبين أن هذا تعليل الحكم الشرعي بالمظنة والحكم هنا عدمي ، أي عدم الإيجاب فهو نظير قصر الصلاة في السفر على قول عائشة أم المؤمنين : «إن الصلاة فرضت ركعتين ثم زيد في ثلاث من الصلوات في الحضر وأبقيت صلاة السفر» ، وعلة بقاء الركعتين هو مظنة المشقة في السفر.
وأوجب الترخص في قيام الليل أنه لم يكن ركنا من أركان الإسلام فلم تكن المصلحة الدينية قوية فيه.
وأما حكم القيام فهو ما دلّ عليه قوله : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [المزمل : ٢] وما دلت عليه أدلة التحريض عليه من السنة. وقد مضى ذلك كله. فهذه الآية صالحة لأن تكون أصلا للتعليل بالمظنة وصالحة لأن تكون أصلا تقاس عليه الرخص العامة التي تراعى فيها مشقة غالب الأمة مثل رخصة بيع السلم دون الأحوال الفردية والجزئية.
وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) تذكير بأن الصلوات الواجبة هي التي تحرصون على إقامتها وعدم التفريط فيها كما قال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء : ١٠٣].
وفي هذا التعقيب بعطف الأمر بإقامة الصلاة إيماء إلى أن في الصلوات الخمس ما