والخير : هو ما وصفه الدين بالحسن ووعد على فعله بالثواب.
ومعنى (تَجِدُوهُ) تجدوا جزاءه وثوابه ، وهو الذي قصده فاعله ، فكأنه وجد نفس الذي قدّمه ، وهذا استعمال كثير في القرآن والسنة أن يعبر عن عوض الشيء وجزائه باسم المعوض عنه والمجازى به ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في الذي يكنز المال ولا يؤدي حقه «مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع يأخذ بلهزمتيه يقول : أنا مالك أنا كنزك».
وضمير الغائب في (تَجِدُوهُ) هو المفعول الأول ل (تجدوا) ومفعوله الثاني (خَيْراً).
والضمير المنفصل الذي بينهما ضمير فعل ، وجاز وقوعه بين معرفة ونكرة خلافا للمعروف في حقيقة ضمير الفصل من وجوب وقوعه بين معرفتين لأنّ أفعل من كذا ، أشبه المعرفة في أنه لا يجوز دخول حرف التعريف عليه.
و (خَيْراً) : اسم تفضيل ، أي خيرا مما تقدمونه إذ ليس المراد أنكم تجدونه من جنس الخير ، بل المراد مضاعفة الجزاء ، لما دل عليه قوله تعالى : (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ) [التغابن : ١٧] وغير ذلك من كثير من الآيات.
وأفاد ضمير الفصل هنا مجرد التأكيد لتحقيقه.
وعطف (وَأَعْظَمَ أَجْراً) على (خَيْراً) أو هو منسحب عليه تأكيد ضمير الفصل (١).
وانتصب (أَجْراً) على أنه تمييز نسبة ل (أَعْظَمَ) لأنه في معنى الفعل. فالتقدير: وأعظم أجره ، كما تقول : وجدته منبسطا كفا ، والمعنى : أن أجره خير وأعظم ممّا قدمتموه.
(وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
يجوز أن تكون الواو للعطف فيكون معطوفا على جملة (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) إلخ ، فيكون لها حكم التذييل إرشادا لتدارك ما عسى أن يعرض من التفريط في بعضها توبة منه.
__________________
(١) ضمير الفصل هنا وقع بين معرفة وهو الضمير المفعول الأول لفعل «تجدوه» ، وبين ما هو بمنزلة المعرفة وهو اسم التفضيل لشبهه بالمعرفة في امتناع دخول حرف التعريف عليه كما ذكره في «المفصل» «والكشاف».