بسم الله الرّحمن الرّحيم
٧٤ ـ سورة المدثر
تسمى في كتب التفسير «سورة المدثر» وكذلك سميت في المصاحف التي رأيناها ومنها كتب في القيروان في القرن الخامس.
وأريد المدثّر النبي صلىاللهعليهوسلم موصوفا بالحالة التي نودي بها ، كما سميت بعض السور بأسماء الأنبياء الذين ذكروا فيها.
وإمّا تسمية باللفظ الذي وقع فيها ، ونظيره ما تقدم في تسمية «سورة المزمل» ، ومثله ما تقدم في سورة المجادلة من احتمال فتح الدال أو كسرها.
وهي مكية حكى الاتفاق على ذلك ابن عطية والقرطبي ولم يذكرها في «الإتقان» في السور التي بعضها مدني. وذكر الآلوسي أن صاحب «التحرير» (محمد بن النقيب المقدسي المتوفى سنة ٦٩٨ له تفسير) ذكر قول مقاتل أو قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً) [المدثر : ٣١] إلخ نزل بالمدينة ا ه. ولم نقف على سنده في ذلك ولا رأينا ذلك لغيره وسيأتي.
قيل : إنها ثانية السور نزولا وإنها لم ينزل قبلها إلّا سورة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) [العلق: ١] وهو الذي جاء في حديث عائشة في «الصحيحين» في صفة بدء الوحي «أن النبيصلىاللهعليهوسلم جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) إلى (ما لَمْ يَعْلَمْ) [العلق : ١ ـ ٥] ثم قالت : ثم فتر الوحي». فلم تذكر نزول وحي بعد آيات (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).
وكذلك حديث جابر بن عبد الله من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن من طرق كثيرة وبألفاظ يزيد بعضها على بعض. وحاصل ما يجتمع من طرقه : قال جابر بن عبد الله وهو