ومناسبة التطهير بهذا المعنى لأن يعطف على (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) لأنه لما أمر بالصلاة أمر بالتطهر لها لأن الطهارة مشروعة للصلاة.
وليس في القرآن ذكر طهارة الثوب إلّا في هذه الآية في أحد محاملها وهو مأمور بتزكية نفسه.
والمعنى المركب من الكنائي والمجازي هو الأعلق بإضافة النبوءة عليه. وفي كلام العرب : فلان نقي الثياب. وقال غيلان بن سلمة الثقفي :
وإنّي بحمد الله لا ثوب فاجر |
|
لبست ولا من غدرة أتقنّع |
وأنشدوا قول أبي كبشة وينسب إلى امرئ القيس :
ثياب عوف طهارى نقية |
|
وأوجههم بيض المسافر غرّان |
ودخول الفاء على فعل (فَطَهِّرْ) كما تقدم عند قوله : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) [المدثر : ٣].
وتقديم (ثِيابَكَ) على فعل (طهّر) للاهتمام به في الأمر بالتطهير.
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥))
(الرُّجْزَ) : يقال بكسر الراء وضمها وهما لغتان فيه والمعنى واحد عند جمهور أهل اللغة. وقال أبو العالية والربيع والكسائي : الرّجز بالكسر العذاب والنجاسة والمعصية ، وبالضم الوثن. ويحمل الرجز هنا على ما يشمل الأوثان وغيرها من أكل الميتة والدم.
وتقديم (الرُّجْزَ) على فعل (اهجر) للاهتمام في مهيع الأمر بتركه.
والقول في (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) كالقول في (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ).
والهجر : ترك المخالطة وعدم الاقتراب من الشيء. والهجر هنا كناية عن ترك التلبس بالأحوال الخاصة بأنواع الرجز لكل نوع بما يناسبه في عرف الناس.
والأمر بهجر الرجز يستلزم أن لا يعبد الأصنام وأن ينفي عنها الإلهية.
(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦))
مناسبة عطف (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) على الأمر بهجر الرجز أن المنّ في العطية كثير من خلق أهل الشرك فلما أمره الله بهجر الرجز نهاه عن أخلاق أهل الرجز نهيا يقتضي