سورة الطور [٤٨] وقوله : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) في سورة الإنسان [٢٤] فيناسب نداءه ب (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) [المدثر : ١] لأنه تدثر من شدة وقع رؤية الملك ، وترك ذكر المضاف لتذهب النفس إلى كل ما هو من شأن المضاف إليه مما يتعلق بالمخاطب.
ويجوز أن تكون اللام للتعليل ، وحذف متعلق فعل الصبر ، أي اصبر لأجل ربّك على كل ما يشق عليك.
وتقديم (لِرَبِّكَ) على «(اصبر) للاهتمام بالأمور التي يصبر لأجلها مع الرعاية على الفاصلة ، وجعل بعضهم اللام في (لِرَبِّكَ) لام التعليل ، أي اصبر على أذاهم لأجله ، فيكون في معنى : إنه يصبر توكلا على أن الله يتولى جزاءهم ، وهذا مبني على أن سبب نزول السورة ما لحق النبي صلىاللهعليهوسلم من أذى المشركين.
والصبر تقدم عند قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) في [البقرة : ٤٥].
وفي التعبير عن الله بوصف (ربّك) إيماء إلى أن هذا الصبر برّ بالمولى وطاعة له.
فهذه ست وصايا أوصى الله بها رسوله صلىاللهعليهوسلم في مبدإ رسالته وهي من جوامع القرآن أراد الله بها تزكية رسوله وجعلها قدوة لأمته.
[٨ ـ ١٠] (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠))
الفاء لتسبب هذا الوعيد عن الأمر بالإنذار في قوله (فَأَنْذِرْ) [المدثر : ٢] ، أي فأنذر المنذرين وأنذرهم وقت النقر في الناقور وما يقع يومئذ بالذين أنذروا فأعرضوا عن التذكرة ، إذ الفاء يجب أن تكون مرتبطة بالكلام الذي قبلها.
ويجوز أن يكون معطوفا على (فَاصْبِرْ) [المدثر : ٧] بناء على أنه أمر بالصبر على أذى المشركين.
و (النَّاقُورِ) : البوق الذي ينادى به الجيش ويسمى الصّور وهو قرن كبير ، أو شبهه ينفخ فيه النافخ لنداء ناس يجتمعون إليه من جيش ونحوه ، قال خفّاف بن ندبة :
إذا ناقورهم يوما تبدّى |
|
أجاب الناس من غرب وشرق |
ووزنه فاعول وهو زنة لما يقع به الفعل من النقر وهو صوت اللسان مثل الصفير