الزيادة من تلك النعم وذلك بما يعرف من يسر أموره. وهذا مشعر باستبعاد حصول المطموع فيه وقد صرح به في قوله : (كَلَّا).
والطمع : طلب الشيء العظيم وجعل متعلق طمعه زيادة مما جعل الله له لأنهم لم يكونوا يسندون الرزق إلى الأصنام ، أو لأنّه طمع في زيادة النعمة غير متذكر أنها من عند الله فيكون إسناد الزيادة إلى ضمير الجلالة إدماجا بتذكيره بأن ما طمع فيه هو من عند الذي كفر هو بنعمته فأشرك به غيره في العبادة.
ولهذه النكتة عدل عن أن يقال : يطمع في الزيادة ، أو يطمع أن يزاد.
و (كَلَّا) ردع وإبطال لطمعه في الزيادة من النّعم وقطع لرجائه.
والمقصود إبلاغ هذا إليه مع تطمين النبي صلىاللهعليهوسلم بأن الوليد سيقطع عنه مدد الرزق لئلا تكون نعمته فتنة لغيره فمن المعاندين فيغريهم حاله بأن عنادهم لا يضرهم لأنهم لا يحسبون حياة بعد هذه كما حكى الله من قول موسى عليهالسلام : (رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٨٨].
وفي هذا الإبطال والردع إيذان بأن كفران النعمة سبب لقطعها قال تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم : ٧] ، ولهذا قال الشيخ ابن عطاء الله : «من لم يشكر النعم فقد تعرّض لزوالها ، ومن شكرها فقد قيّدها بعقالها».
(إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً).
يجوز أن تكون هذه الجملة تعليلا للردع والإبطال ، أي لأن شدة معاندته لآياتنا كانت كفرانا للنعمة فكانت سببا لقطعها عنه إذ قد تجاوز حدّ الكفر إلى المناواة والمعاندة فإن الكافر يكون منعما عليه على المختار وهو قول الماتريدي والمعتزلة خلافا للأشعري ، واختار المحقّقون أنه خلاف لفظي.
ويجوز أن تكون مستأنفة ويكون الوقف عند قوله تعالى : (كَلَّا).
والعنيد : الشديد العناد وهو المخالفة للصواب وهو فعيل من : عند يعند كضرب ، إذا نازع وجادل الحق البين.
وعناده : هو محاولته الطعن في القرآن وتحيله للتمويه بأنه سحر ، أو شعر ، أو كلام