بالفاء فقد توهموا.
و (قُتِلَ) : دعاء عليه بأن يقتله قاتل ، أي دعاء عليه بتعجيل موته لأن حياته حياة سيئة. وهذا الدعاء مستعمل في التعجيب من ماله والرثاء له كقوله : (قاتَلَهُمُ اللهُ) [التوبة : ٣٠] وقولهم : عدمتك ، وثكلته أمّه ، وقد يستعمل مثله في التعجيب من حسن الحال يقال : قاتله الله ما أشجعه. وجعله الزمخشري كناية عن كونه بلغ مبلغا يحسده عليه المتكلم حتى يتمنى له الموت. وأنا أحسب أن معنى الحسد غير ملحوظ وإنما ذلك مجرد اقتصار على ما في تلك الكلمة من التعجب أو التعجيب لأنها صارت في ذلك كالأمثال. والمقام هنا متعين للكناية عن سوء حاله لأن ما قدره ليس مما يغتبط ذوو الألباب على إصابته إذ هو قد ناقض قوله ابتداء إذ قال : ما هو بعقد السحرة ولا نفثهم وبعد أن فكّر قال : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) فناقض نفسه.
وقوله : (ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) تأكيد لنظيره المفرّع بالفاء. والعطف ب (ثُمَ) يفيد أن جملتها أرقى رتبة من التي قبلها في الغرض المسوق له الكلام. فإذا كان المعطوف بها عين المعطوف عليه أفادت أن معنى المعطوف عليه ذو درجات متفاوتة مع أن التأكيد يكسب الكلام قوة. وهذا كقوله : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [النبأ : ٤ ، ٥].
و (كَيْفَ قَدَّرَ) في الموضعين متحد المعنى وهو اسم استفهام دال على الحالة التي بينها متعلّق (كَيْفَ).
والاستفهام موجه إلى سامع غير معيّن يستفهم المتكلم سامعه استفهاما عن حالة تقديره ، وهو استفهام مستعمل في التعجيب المشوب بالإنكار على وجه المجاز المرسل.
و (كَيْفَ) في محل نصب على الحال مقدمة على صاحبها لأن لها الصدر وعاملها (قَدَّرَ).
وقوله : (ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ) عطف على (وَقَدَّرَ) وهي ارتقاء متوال فيما اقتضى التعجيب من حاله والإنكار عليه. فالتراخي تراخي رتبة لا تراخي زمن لأن نظره وعبوسه وبسره وإدباره واستكباره مقارنة لتفكيره وتقديره.
والنظر هنا : نظر العين ليكون زائدا على ما أفاده (فَكَّرَ وَقَدَّرَ). والمعنى : نظر في وجوه الحاضرين يستخرج آراءهم في انتحال ما يصفون به القرآن.
و (عَبَسَ) : قطّب وجهه لمّا استعصى عليه ما يصف به القرآن ولم يجد مغمزا مقبولا.