الأخبار عن عالم الغيب وأمور الآخرة من نحو : ما هذا به أبو جهل في أمر خزنة جهنم يشمل ذلك وغيره ، فلذلك كان لهذه الجملة حكم التذييل.
والجنود : جمع جند وهو اسم لجماعة الجيش واستعير هنا للمخلوقات التي جعلها الله لتنفيذ أمره لمشابهتها الجنود في تنفيذ المراد.
وإضافة رب إلى ضمير النبي صلىاللهعليهوسلم إضافة تشريف ، وتعريض بأن من شأن تلك الجنود أن بعضها يكون به نصر النبي صلىاللهعليهوسلم. ونفي العلم هنا نفي للعلم التفصيلي بأعدادها وصفاتها وخصائصها بقرينة المقام ، فإن العلم بعدد خزنة جهنم قد حصل للناس بإعلام من الله لكنهم لا يعلمون ما وراء ذلك.
(وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ).
فيه معان كثيرة أعلاها أن يكون هذا تتمة لقوله : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) على أن يكون جاريا على طريقة الأسلوب الحكيم ، أي أن النافع لكم أن تعلموا أن الخبر عن خزنة النار بأنهم تسعة عشر فائدته أن يكون ذكرى للبشر ليتذكروا دار العقاب بتوصيف بعض صفاتها لأن في ذكر الصفة عونا على زيادة استحضار الموصوف ، فغرض القرآن الذكرى ، وقد اتخذه الضالّون ومرضى القلوب لهوا وسخرية ومراء بالسؤال عن جعلهم تسعة عشر ولم يكونوا عشرين أو مئات أو آلافا.
وضمير (هِيَ) على هذا الوجه إلى (عِدَّتَهُمْ).
ويجوز أن يرجع الضمير إلى الكلام السابق وتأنيث ضميره لتأويله بالقصّة أو الصفة أو الآيات القرآنية.
والمعنى : نظير المعنى على الاحتمال الأول.
ويحتمل أن يرجع إلى (سَقَرَ) [المدثر : ٢٦] وإنما تكون (ذِكْرى) باعتبار الوعيد بها وذكر أهوالها.
والقصر متوجه إلى مضاف محذوف يدل عليه السياق تقديره : وما ذكرها أو وصفها أو نحو ذلك.
ويحتمل أن يرجع ضمير (هِيَ) إلى (جُنُودَ رَبِّكَ) والمعنى المعنى ، والتقدير التقدير ، أي وما ذكرها أو عدة بعضها.