ويطلق اليقين أيضا على الموت لأنه معلوم حصوله لكل حيّ فيجوز أن يكون مرادا هنا كما في قوله تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر : ٩٩]. فتكون جملة (حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) غاية للجمل الأربع التي قبلها من قوله : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) إلى (بِيَوْمِ الدِّينِ).
والمعنى : كنا نفعل ذلك مدة حياتنا كلها.
وفي الأفعال المضارعة في قوله : (لَمْ نَكُ ،) و (نَخُوضُ ،) و (نُكَذِّبُ) إيذان بأن ذلك ديدنهم ومتجدد منهم طول حياتهم.
وفي الآية إشارة إلى أن المسلم الذي أضاع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مستحق حظّا من سقر على مقدار إضاعته وعلى ما أراد الله من معادلة حسناته وسيئاته ، وظواهره وسرائره ، وقبل الشفاعة وبعدها.
وقد حرم الله هؤلاء المجرمين الكافرين أن تنفعهم الشفاعة فعسى أن تنفع الشفاعة المؤمنين على أقدارهم.
وفي قوله : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) إيماء إلى ثبوت الشفاعة لغيرهم يوم القيامة على الجملة وتفصيلها في صحاح الأخبار.
وفاء (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) تفريع على قوله : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) ، أي فهم دائمون في الارتهان في سقر.
[٤٩ ـ ٥١] (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١))
تفريع للتعجيب من إصرارهم على الإعراض عن ما فيه تذكرة على قوله : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) [المدثر : ٣١].
وجيء باسم التذكرة الظاهر دون أن يؤتى بضمير نحو : أن يقال : عنها معرضين ، لئلا يختص الإنكار والتعجيب بإعراضهم عن تذكرة الإنذار بسقر ، بل المقصود التعميم لإعراضهم عن كل تذكرة وأعظمها تذكرة القرآن كما هو المناسب للإعراض قال تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) [التكوير : [٢٧].
و (فَما لَهُمْ) استفهام مستعمل في التعجيب من غرابة حالهم بحيث تجدر أن يستفهم