وأمام : أصله اسم للمكان الذي هو قبالة من أضيف هو إليه وهو ضد خلف ، ويطلق مجازا على الزمان المستقبل ، قال ابن عباس : يكذب بيوم الحساب ، وقال عبد الرحمن ابن زيد : يكذب بما أمامه سفط.
وضمير (أَمامَهُ) يجوز أن يعود إلى الإنسان ، أي في مستقبله ، أي من عمره فيمضي قدما راكبا رأسه لا يقلع عما هو فيه من الفجور فينكر البعث فلا يزع نفسه عما لا يريد أن يزعها من الفجور. وإلى هذا المعنى نحا ابن عباس وأصحابه.
ويجوز أن يكون (أَمامَهُ) أطلق على اليوم المستقبل مجازا وإلى هذا نحا ابن عباس في رواية عنه وعبد الرحمن بن زيد ، ويكون (لِيَفْجُرَ) بمعنى يكذب ، أي يكذب باليوم المستقبل.
(يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦))
يجوز أن تكون هذه الجملة متصلة بالتي قبلها على أنها بدل اشتمال منها لأن إرادته الاسترسال على الفجور يشتمل على التهكم بيوم البعث أو على أنها بدل مطابق على تفسير (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) [القيامة : ٥] بالتكذيب بيوم البعث.
ويجوز أن تكون مستأنفة للتعجيب من حال سؤالهم عن وقت يوم القيامة وهو سؤال استهزاء لاعتقادهم استحالة وقوعه.
و (أَيَّانَ) اسم استفهام عن الزمان البعيد لأن أصلها : أن آن كذا ، ولذلك جاء في بعض لغات العرب مضموم النون وإنما فتحوا النون في اللغة الفصحى لأنهم جعلوا الكلمة كلها ظرفا فصارت (أَيَّانَ) بمعنى (متى). وتقدم عند قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) في الأعراف [١٨٧]. فالمعنى أنهم يسألون تعيين وقت معروف مضبوط بعدّ السنين ونحوها ، أو بما يتعين به عند السائلين من حدث يحل معه هذا اليوم. فهو طلب تعيين أمد لحلول يوم يقوم فيه الناس.
[٧ ـ ١٣] (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣))
عدل عن أن يجابوا بتعيين وقت ليوم القيامة إلى أن يهدّدوا بأهواله ، لأنهم لم يكونوا