وتقديم المجرور من قوله : (إِلى رَبِّها) على عامله للاهتمام بهذا العطاء العجيب وليس للاختصاص لأنهم ليرون بهجات كثيرة في الجنة.
وبين (ناضِرَةٌ) و (ناظِرَةٌ) جناس محرف قريب من التامّ.
وسوغ الابتداء بالنكرة في قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) أنها أريد بها التفصيل والتقسيم لمقابلته بقوله : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) ، على حد قول الشاعر :
فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسر |
وأما الوجوه الباسرة فنوع ثان من وجوه الناس يومئذ هي وجوه أهل الشقاء. وأعيد لفظ (يَوْمَئِذٍ) تأكيدا للاهتمام بالتذكير بذلك اليوم.
و (باسِرَةٌ) : كالحة من تيقن العذاب ، وتقدم عند قوله تعالى : (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) في سورة المدثر [٢٢].
فجملة (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) استئناف بياني لبيان سبب بسورها.
و (فاقِرَةٌ) : داهية عظيمة ، وهو نائب فاعل (يُفْعَلَ بِها) ولم يقترن الفعل بعلامة التأنيث لأن مرفوعه ليس مؤنثا حقيقيا ، مع وقوع الفصل بين الفعل ومرفوعه ، وكلا الأمرين يسوغ ترك علامة التأنيث. وإفراد (فاقِرَةٌ) إفراد الجنس ، أي نوعا عظيما من الداهية.
والمعنى : أنهم أيقنوا بأن سيلاقوا دواهي لا يكتنه كنهها.
[٢٦ ـ ٣٠] (كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠))
ردع ثان على قول الإنسان (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) [القيامة : ٦] ، مؤكّد للردع الذي قبله في قوله : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) [القيامة : ٢٠]. ومعناه زجر عن إحالة البعث فإنه واقع غير بعيد فكل أحد يشاهده حين الاحتضار للموت كما يؤذن به قوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) أتبع توصيف أشراط القيامة المباشرة لحلوله بتوصيف أشراط حلول التهيّؤ الأول للقائه من مفارقة الحياة الأولى.
وعن المغيرة بن شعبة يقولون : القيامة القيامة ، وإنما قيامة أحدهم موته ، وعن علقمة