الإنسان الذي يسأل : (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) [القيامة : ٦].
و (الْمَساقُ) : مصدر ميمي ل (ساق) ، وهو تسيير ماش أمام مسيّره إلى حيث يريد مسيّره ، وضده القود ، وهو هنا مجاز مستعمل في معنى الإحضار والإيصال إلى حيث يلقى جزاء ربه.
وسلك في الجمل التي بعد (إِذا) مسلك الإطناب لتهويل حالة الاحتضار على الكافر وفي ذلك إيماء إلى أن الكافر يتراءى له مصيره في حالة احتضاره وقد دل عليهحديث عبادة بن الصامت في «الصحيح» عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، قالت عائشة أو بعض أزواجه : إنا نكره الموت. قال : ليس ذاك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشّر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله وكره الله لقاءه».
[٣١ ـ ٣٥] (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥))
تفريع على قوله : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) [القيامة : ٦].
فالضمير عائد إلى الإنسان في قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) [القيامة : ٣] أي لجهله البعث لم يستعد له.
وحذف مفعول (كَذَّبَ) ليشمل كلّ ما كذب به المشركون ، والتقدير : كذب الرسول والقرآن وبالبعث ، وتولى عن الاستجابة لشرائع الإسلام.
ويجوز أن يكون الفاء تفريعا وعطفا على قوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) [القيامة: ٣٠] ، أي فقد فارق الحياة وسيق إلى لقاء الله خاليا من العدّة لذلك اللقاء.
وفي الكلام على كلا الوجهين حذف يدل عليه السياق تقديره : فقد علم أنه قد خسر وتندم على ما أضاعه من الاستعداد لذلك اليوم.
وقد ورد ذلك في قوله تعالى : (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢١ ـ ٢٤].