الناس من شكر نعمة الله ومنهم من كفرها فعبد غيره.
وتثبيت النبي صلىاللهعليهوسلم على القيام بأعباء الرسالة والصبر على ما يلحقه في ذلك ، والتحذير من أن يلين للكافرين ، والإشارة إلى أن الاصطفاء للرسالة نعمة عظيمة يستحق الله الشكر عليها بالاضطلاع بها اصطفاه له وبالإقبال على عبادته.
والأمر بالإقبال على ذكر الله والصلاة في أوقات من النهار.
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١))
استفهام تقريري والاستفهام من أقسام الخطاب وهو هنا موجّه إلى غير معين ومستعمل في تحقيق الأمر المقرر به على طريق الكناية لأن الاستفهام طلب الفهم ، والتقرير يقتضي حصول العلم بما قرر به وذلك إيماء إلى استحقاق الله أن يعترف الإنسان له بالواحدانية في الربوبية إبطالا لإشراك المشركين.
وتقديم هذا الاستفهام لما فيه من تشويق إلى معرفة ما يأتي بعده من الكلام.
فجملة (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) تمهيد وتوطئة للجملة التي بعدها وهي (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) [الإنسان : ٢] إلخ.
و (هَلْ) حرف يفيد الاستفهام ومعنى التحقيق ، وقال جمع أصل (هَلْ) إنها في الاستفهام مثل (قد) في الخبر ، وبملازمة (هَلْ) الاستفهام كثير في الكلام حذف حرف الاستفهام معها فكانت فيه بمعنى (قد) ، وخصت بالاستفهام فلا تقع في الخبر ، ويتطرق إلى الاستفهام بها ما يتطرق إلى الاستفهام من الاستعمالات. وقد تقدم بيان ذلك عند قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) في سورة البقرة [٢١٠].
وقد علمت أن حمل الاستفهام على معنى التقرير يحصّل هذا المعنى.
والمعنى : هل يقر كل إنسان موجود أنه كان معدوما زمانا طويلا ، فلم يكن شيئا يذكر ، أي لم يكن يسمى ولا يتحدث عنه بذاته (وإن كان قد يذكر بوجه العموم في نحو قول الناس : المعدوم متوقف وجوده على فاعل. وقول الواقف : حبست على ذريتي ، ونحوه فإن ذلك ليس ذكرا لمعين ولكنه حكم على الأمر المقدّر وجوده). وهم لا يسعهم إلّا الإقرار بذلك ، فلذلك اكتفي بتوجيه هذا التقرير إلى كل سامع.
وتعريف (الْإِنْسانِ) للاستغراق مثل قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ