على وفق ما يشتهون.
ويجوز أن يكون الضمير عائدا إلى نائب الفاعل المحذوف المفهوم من بناء (يُطافُ) للنائب ، أي الطائفون عليهم بها قدّروا الآنية والأكواب ، أي قدروا ما فيها من الشراب على حسب ما يطلبه كل شارب منهم ومآله إلى معنى الاحتمال الأول. وكان مما يعد في العادة من حذق الساقي أن يعطي كلّ أحد من الشّرب ما يناسب رغبته.
و (تَقْدِيراً) مفعول مطلق مؤكد لعامله للدلالة على وفاء التقدير وعدم تجاوزه المطلوب ولا تقصيره عنه.
[١٧ ـ ١٨] (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨))
أتبع وصف الآنية ومحاسنها بوصف الشراب الذي يحويه وطيبه ، فالكأس كأس الخمر وهي من جملة عموم الآنية المذكورة فيما تقدم ولا تسمى آنية الخمر كأسا إلّا إذا كان فيها خمر فكون الخمر فيها هو مصحح تسميتها كأسا ، ولذلك حسن تعدية فعل السقي إلى الكأس لأن مفهوم الكأس يتقوم بما في الإناء من الخمر ، ومثل هذا قول الأعشى :
وكأس شربت على لذة |
|
وأخرى تداويت منها بها |
يريد : وخمر شربت.
والقول في إطلاق الكأس على الإناء أو على ما فيه كالقول في نظيره المتقدم في قوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) [الإنسان : ٥].
ومعنى الآية أن هذه سقية أخرى ، أي مرة يشربون من كأس مزاجها الكافور ومرة يسقون كأسا مزاجها الزنجبيل.
وضمير (فِيها) للجنة من قوله : (جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان : ١٢].
وزنجبيل : كلمة معربة وأصلها بالكاف الأعجمية عوض الجيم. قال الجواليقي والثعالبي: هي فارسية ، وهو اسم لجذور مثل جذور السّعد بضم السين وسكون العين تكون في الأرض كالجزر الدقيق واللفت الدقيق لونها إلى البياض لها نبات له زهر ، وهي ذات رائحة عطرية طيبة وطعمها شبيه بطعم الفلفل ، وهو ينبت ببلاد الصين والسند وعمان والشحر ، وهو أصناف أحسنها ما ينبت ببلاد الصين ، ويدخل في الأدوية والطبخ كالأفاويه ورائحته بهارية وطعمه حريف. وهو منبه ويستعمل منقوعا في الماء ومربى بالسّكر.