ذاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) [البروج : ١ ، ٢] ، ومثله تكرّر في القرآن.
ويتجه في توزيعها أن الصفات التي عطفت بالفاء تابعة لجنس ما عطفت هي عليه ، والتي عطفت بالواو يترجح أنها صفات جنس آخر.
فالأرجح أن المرسلات والعاصفات صفتان للرياح ، وأن ما بعدها صفات للملائكة ، والواو الثانية للعطف وليست حرف قسم. ومناسبة الجمع بين هذين الجنسين في القسم أن كليهما من الموجودات العلوية لأن الأصل في العطف بالواو أن يكون المعطوف بها ذاتا غير المعطوف عليه. وما جاء بخلاف ذلك فهو خلاف الأصل مثل قول الشاعر أنشده الفراء.
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
أراد صفات ممدوح واحد.
ولنتكلم على هذه الصفات :
فأما (الْمُرْسَلاتِ) فإذا جعل وصفا للملائكة كان المعنيّ بهم المرسلين إلى الرسل والأنبياء مثل جبريل في إرساله بالوحي ، وغيره من الملائكة الذين يبعثهم الله إلى بعض أنبيائه بتعليم أو خبر أو نصر كما في قوله تعالى عن زكرياء : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) الآية [آل عمران : ٣٩] ، أو (الْمُرْسَلاتِ) بتنفيذ أمر الله في العذاب مثل المرسلين إلى قوم لوط ، و (عُرْفاً) حال مفيدة معنى التشبيه البليغ ، أي مثل عرف الفرس في تتابع الشعير بعضه ببعض ، يقال : هم كعرف الضبع ، إذا تألبوا ، ويقال : جاءوا عرفا واحدا. وهو صالح لوصف الملائكة ولوصف الريح.
وفسر (عُرْفاً) بأنه اسم ، أي الشعر الذي على رقبة الفرس ونصبه على الحال على طريقة التشبيه البليغ ، أي كالعرف في تتابع البعض لبعض ، وفسر بأنه مصدر بمعنى المفعول ، أي معروف (ضد المنكر) ، وأن نصبه على المفعول لأجله ، أي لأجل الإرشاد والصلاح.
(فَالْعاصِفاتِ) تفريع على (الْمُرْسَلاتِ) ، أي ترسل فتعصف ، والعصف يطلق على قوة هبوب الريح فإن أريد بالمرسلات وصف الرياح فالعصف حقيقة ، وإن أريد بالمرسلات وصف الملائكة فالعصف تشبيه لنزولهم في السرعة بشدة الريح وذلك في المبادرة في سرعة الوصول بتنفيذ ما أمروا به.