و (عَصْفاً) مؤكد للوصف تأكيدا لتحقيق الوصف ، إذ لا داعي لإرادة رفع احتمال المجاز.
والنشر : حقيقته ضد الطي ويكثر استعماله مجازا في الإظهار والإيضاح وفي الإخراج.
ف (النَّاشِراتِ) إذا جعل وصفا للملائكة جاز أن يكون نشرهم الوحي ، أي تكرير نزولهم لذلك ، وأن يكون النشر كناية عن الوضوح ، أي بالشرائع البينة.
وإذا جعل وصفا للرياح فهو نشر السحاب في الأجواء فيكون عطفه بالواو دون الفاء لتنبيه على أنه معطوف على (الْمُرْسَلاتِ) لا على (فَالْعاصِفاتِ) لأن العصف حالة مضرة والنشر حالة نفع.
والقول في تأكيد (نَشْراً) وتنوينه كالقول في (عَصْفاً).
والفرق : التمييز بين الأشياء ، فإذا كان وصفا للملائكة فهو صالح للفرق الحقيقي مثل تمييز أهل الجنة عن أهل النار يوم الحساب ، وتمييز الأمم المعذبة في الدنيا عن الذين نجاهم الله من العذاب ، مثل قوم نوح عن نوح ، وعاد عن هود ، وقوم لوط عن لوط وأهله عدا امرأته ، وصالح للفرق المجازي ، وهو أنهم يأتون بالوحي الذي يفرق بين الحق والباطل ، وبين الإيمان والكفر.
وإن جعل وصفا للرياح فهو من آثار النشر ، أي فرقها جماعات السحب على البلاد.
ولتفرع الفرق بمعنييه عن النشر بمعانيه عطف (فَالْفارِقاتِ) على (النَّاشِراتِ) بالفاء.
وأكد بالمفعول المطلق كما أكد ما قبله بقوله : (عَصْفاً) و (نَشْراً) ، وتنوينه كذلك.
والملقيات : الملائكة الذين يبلغون الوحي وهو الذكر.
والإلقاء مستعار لتبليغ الذكر من العالم العلوي إلى أهل الأرض بتشبيهه بإلقاء شيء من اليد إلى الأرض.
وإلقاء الذكر تبليغ المواعظ إلى الرسل ليبلغوها إلى الناس وهذا الإلقاء متفرع على الفرق لأنهم يخصّون كل ذكر بمن هو محتاج إليه ، فذكر الكفار بالتهديد والوعيد بالعذاب ، وذكر المؤمنين بالثناء والوعد بالنعيم.
وهذا معنى (عُذْراً أَوْ نُذْراً). فالعذر : الإعلام بقبول إيمان المؤمنين بعد الكفر ،